معنى الحياة والسعادة

وقفة مع النفس

كل شخص يعيش حياته في هذا العالم كثيراً ما يتسأل عن أسباب المعاناة التي يواجهها من دون أي سبب؟ هنا يصح للشخص وقفة مع النفس ليرى من هو وراء كل حدث في حياته، وكيف أن الحياة تجري كالبحر الهائج حاملة إياه في طيات الموج إلى المجهول شاعراً بأن ليس لديه الحول أو القوة في إيقافها أو تغيير بجراها حتي يستطيع الوصول إلى بر الأمان.

وقفة مع النفس للإنسان بصدق تعطيه الفرصة في أن يسأل السؤال الصحيح باحثاً عن معنى حياته وسبب معاناته فيها.

الخالق هو مصدر النور وإن الرغبة  أي الإناء الروحي للإنسان هي الخليقة التي خلقها الخالق. والنور الصادر من الخالق نفسه هو المسرة والملذة والبهجة التي تملئ  هذا الإناء الروحي “الإنسان” بمعنى آخر إن الهدف الرئيسي هو رغبة الخالق في العطاء المطلق فعمل مخلوق ذو رغبة في التلقي من الخالق.

ولكن سؤالي أنا الإنسان ” إذا كان الخالق جيد وهو بالطبع جيد، لماذا أتألم أنا في هذا العالم المليء في عدم الكمال ؟ إذا كان قد خلقني ليجعلني سعيد لماذا أتخبط في هذا العالم كالأعمى باحثاً عن السعادة في كل زاوية في هذا العالم من دون إيجاد أي إحساس حقيقي ودائم بالسعادة والإكتفاء؟ فكل شيىء يتلاشى مع الريح وكأنه حلم بعيد عن الواقع ودائماً أجد نفسي أتسأل عن ما يحدث في حياتي ولماذا ولا أجد أي جواب في الأفق. هل نسيني الخالق يا ترى؟ أم هل يتجاهلني في عدم إكتراث؟ ولماذا؟ ما هو ذنبي الذي إقترفته حتى أكون مستحقاً لكل هذا العذاب؟ لماذا أنا لا أعرف من أين أتيت وإلى أنا ذاهب؟ ولكن  كيف لي أن أعرف من أنا؟ وكيف جئت إلى هذا العالم؟ وما هدف وجودي فيه إذا لم يعلمني الخالق بهذا؟

ولكن ما هو نوع الإرتباط بخالقي إذا كنت لا أشعر بوجوده في حياتي؟ وما الذي أستطيع عمله أنا لتغيير مسرى حياتي؟

كل شيء يبدو لي .. وكأن العالم مسرح وأنا الوحيد الذي لا يعرف دوره في لعبة الحياة هذه، فيجب أن أتخذ قراراً إذا ما كنت سأمضي حياتي في جهل وأواجه قصاص الطبيعة كأم تؤدب إبنها لعدم إكتراثه في أداء دوره بتركيز وجهد نحو هدف تحصيل النجاح في الوصول إلى الهدف الذي وضعه الخالق أمامي حين أوجدني في هذا العالم؟ أم سأبحث  ساعياً عن جواب لمعرفة دوري في هذه الحياة؟

يقول عالم الكابالا بأنه من اللحظة التي يشعر بها الإنسان بأن الخالق يوقظ فيه الرغبة للتقرب منه ، هذه هي اللحظة التي يتوصل فيها الإنسان إلى الإريباط بالخالق. ففي أحد المزامير يقول الملك داود :” حجبت وجهك فصرت مرتاعاً “، هذه بداية العمل بين الخالق والإنسان. هذه المرحلة البدائية والتي يوقظ فيها شعور الخوف في الإنسان ليوقظ فيه الحاجة للتقرب من الخالق وهنا في هذه المرحلة يتوجب على الشخص بذل الجهد نحو بناء الإرتباط مع الخالق، وهذا الإرتباط وهذا الجهد يؤدي إلى تقدم الإنسان في تصحيح الأنا فيه ومعرفة سبب وجوده في هذا العالم وهدفه فيه. وبالتالي إحراز العالم الروحي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*