Baal-Hashulam 11

مقدمة تمهيدية لعلم حكمة الكابالا

١لقد ورد في كتاب الزوهار مقطع ” والرب دعا” ص ٤٠ ” تعالى وانظر ، إن كل ما هو كائن في هذا العالم موجود من أجل الإنسان، كل شيء وجد من أجله كما هو مكتوب،  بعدها خلق الخالق الإنسان باسم كامل كما تبين لنا، إذ ان في الإنسان الكمال في كل ما وجد وفيه كل شيء موجود كل شيء مما في الأعلى ومما في العالم هذا،  كل شيء في الوجود متكامل في وجوده في هذه الخليقة التي يدعى أدم.

 وبالتالي التفسير أن كافة العوالم ، العوالم العليا والعالم المادي، جميعها كائنة في الإنسان. أيضاً إن الواقع بأكمله والموجود في كل هذه العوالم وجدت من أجل الإنسان فقط. ويجب علينا فهم وإدراك معنى هذه الكلمات: هل إن عالمنا هذا وكل شيء فيه والذي وجد من أجل منفعة الإنسان، ليس كافياً له ليكون محتاج أيضاً للعوالم الروحية ولكل شيء فيها ؟ ففي نهاية الأمر إن العوالم بأكملها خلقت من أجل الإنسان.

 ٢-  لشرح هذه المسألة بشكل دقيق وواضح يجب علي أن أقدم المعنى المتكامل والصحيح لحكمة الكابالا. بشكل عام يوجد تفسير مفصل ودقيق لجميع الأمور في كتاب الزوهار لمساعدتنا على فهمها بشكل واضح. خلاصة الكلام كله أن هدف ونية الخالق في صنع الخليقة هو في إغداق السرور والبهجة على خليقته. بالتأكيد ومن دون شك في اللحظة التي افتكر فيها الخالق في خلق النفس البشرية ليغدق عليها الخير بسعة ووفرة بلا حدود انبثقت هذه النفس أمامه للتو متكاملة في وجودها مع كل الخيرات والمسرات التي أراد أن يغدقها عليها. ذلك لأن الفكر وحده فيه متكامل وليس في حاجة للقيام بأعمال معينة لإظهار الخليقة إلى الوجود.  وفقاً لما ورد يجب أن نتسأل : لما عمل الخالق العوالم بحدود فاصلة بين كل عالم وآخر إلى عالمنا هذا، ولماذا ألبس هذه النفس جسداً في هذا العالم الذي تسوده الظلمة؟

 ٣- الجواب لهذا السؤال موجود في مقال شجرة الحياة المقطع الأول إذ يقول: ” لإظهار الكمال من خلال أعماله”. لكن يجب علينا أن نفهم كيف أنه من الممكن أن يظهر إلى العيان عمل عير متكامل من خلال الخالق والذي هو الكمال بعينه لدرجة أنه يتوجب على النفس إكمال العمل في هذا العالم ؟

 المهم هنا هو أنه يتوجب علينا أن نميز بين النور وبين الإناء الموجود في النفس. فإن جوهر النفس هو الإناء الذي فيه تستطيع هذه النفس أن تحوي كافة الخيرات التي في نية الخالق إعطائها لها أي أن يملأ هذا الإناء بنوره والذي هو مسرة النفس. فبما أنه كان في إرادته أن يغدق على خليقته البهجة والسرور والخير خلقها لتكن إرادة في التقبل، فإن تلقي المسرات من الخالق يزداد توافقاً مع مقدار حجم الرغبة في الإرادة في التقبل لهذه المسرات.

 من المهم معرفة أن الإرادة في التقبل هي جوهر النفس البشرية والتي وجدت من العدم والتي تُعتبر إناء هذه النفس بينما يعتبر النور في إناء هذه النفس هو الفرح والبهجة والذي يمد هذه النفس بالحياة ويعتبر وجود من الوجود من جوهر الخالق.

 ٤- تفسير ما سبق: ننسب إلى الخليقة على أنها وجدت من العدم أي لم تؤخذ من شيء كان موجود من قبل. وهذا ما يُعتبر وجود من العدم، ولكن كيف يمكننا أن تفسير أنه أي شيء كائن ليس جزء من الخالق بما أنه هو الخالق العظيم ذو السلطة المطلقة بما أنه لا يستطيع إعطاء ما لا يوجد فيه؟

 كما أوردنا سابقاً أن الخليقة التي خلقها الخالق هي إناء أي الإرادة في التقبل، إذا أنه من الواضح أن الخالق هو قوة عطاء مطلق ولا يوجد فيه إرادة تقبل فممن يتقبل؟ لذلك تعتبر النفس البشرية خليقة جديدة، خليقة من العدم.

 ٥- يجب علينا أن نعلم أن معنى المصطلحات اتحاد أو انفصال التي نستخدمها في شرحنا للأمور الروحية تنسب فقط للتوازن أو التباين في السمات. ففي العالم الروحي إذا كان لشيئين شكل واحد يكونان مرتبطين معاً في وحدوية كاملة بما أنه لا يوجد ما يفصل بينهما ولكن بإمكاننا أن نراهم منفصلين إذا كان هناك تباين في الشكل بينهما.

 أيضاً، إلى حد التباين بينهما يكون مدى الفارق بينهما لذلك إذا تواجدا في حالة تناقض أي أن الواحد معاكس للآخر يعتبر البعد بينهما كبعد المشرق عن المغرب بمعنى سعة الفارق بينهما كما نستطيع تصوره.

 ٦- ولكن بالنسبة للخالق نفسه لا يوجد لدينا أي فكر أو أي إدراك حسي لذلك لا نستطيع التلفظ ولو بكلمة واحدة عنه. وبما أننا نعرف الكائن من أفعاله بإمكاننا التعبير عنه على أنه قوى العطاء المطلق بما انه خلق الوجود بكامله لمن أجل لذة خليقته لمسرتها ليعطيها كل خير.

 لذلك نحن نرى أن النفس البشرية خلقت بشكل معاكس في السمات للخالق بما انه هو قوى العطاء المطلق ولا يوجد فيه أي إرادة في التقبل بينما نرى أن النفس البشرية خلقت بميزة التقبل للذات، وسبق أن أشرنا بأنه لا يوجد أعظم من هذا التناقض في السمات بيننا وبين الخالق. بالإضافة إلى ذلك لو أن النفس بقيت كإرادة في التقبل فقط لبقيت منفصلة عن الخالق للأبد.

 ٧- الآن نستطيع أن نفهم ما ورد في مقال شجرة الحياة حين تكلم عن سبب خلق العوالم الروحية أنه من الضروري أن يكون كاملاً في جميع أعماله ولو أنه لم ينجز جميع أعماله في واقع ملموس لكان يظهر كما لو أنه ليس الكمال بأمته. بالنسبة لنا هذا الأمر مربك بل مذهل؛ فكيف لنا أن نتصور أعمال غير كاملة في تكوينها ناشئة من خالق هو الكمال بعينه لدرجة أن عمله أي الخليقة التي أوجدها بحاجة إلى تصحيح.

 مما سبق شرحه  نستطيع أن نرى بأن جوهر الخليقة هو الإرادة في التقبل فقط. فمن ناحية نجد أن الإرادة في التقبل هي عبارة عن نقص عظيم بما أن بُنيتها وسماتها معاكسة عن تلك التي في الخالق وهذا يعني وجود التباين الذي يؤدي على الإنفصال بينهما ولكن من ناحية ثانية هي الخليقة التي ظهرت من العدم والتي خلقها الخالق بالسمات التي من خلالها تستطيع أن تتلقى منه ما في رغبته أن يمنحه إياها. فلو أن الخالق عمل الخليقة ليس بالشكل المعاكس له لبقيت منفصلة عنه بشكل أبدي، فالخليقة تبدو وكأنها عمل غير مكتمل بما أن المنطق ينص أن أي عمل صادر من الكمال بعينه يجب أن يمون كامل.

 لهذا السبب قام الخالق بحصر نوره ليكون مكان للخليقة وعمل على خلق العوالم بدرجاتها إلى درجة عالمنا المادي وألبس النفس جسداً مادياُ ومن خلال تطبيق التعليمات التي وردت في علم الكابالا تستطيع النفس تكتسب الكمال التي ينقصها أي باكتساب من سمات الخالق عليها لتصل إلى درجة التوازن الشكلي معه في السمات وبالتالي يكون باستطاعتها تلقي كل الملذات والمسرات التي كانت في فكر الخالق من البداية لتصل إلى درجة الكمال في تواجدها في توازن كامل بسماتها مع سمات الخالق.

 ٨- فإن القوة الكامنة في إتباعنا التعليمات الوارد في علم الكابالا  لتساعد النفس إحراز درجة الكمال تظهر فقط عندما يستخدمها الإنسان في نية أن يريد أن يجلب رضا للخالق وليس في نية الحصول على مكافأة ما. لقد عمل الخالق على تصميم هذه التعليمات بهذه الطريقة بالتحديد لمساعدة النفس للوصول وبالتدريج إلى درجة التوازن في السمات مع خالقها كما ورد في كلمات عالم الكابالا حنينا في بداية كتاب ( مقدمة حكمة الكابالا ).

 بشكل كلي يوجد هناك خمس درجات وهي: نفيش – رواخ – نيشاما – خياة – يخيدا  ( نفس – روح – نسمة – حياة – النور السامي المتكامل ) ويرمز لها NRNHY وهي تتناسب مع العوالم الروحية الخمسة والتي تدعى أدم كادمون – أتسيلوت – برييا – يتسيرا – أسيّا. أيضاً يوجد هناك  خمس درجات مستقلة في NRNHY وهي ناشئة من الخمس بارتسوفيم ” البارتسوف هو مجموعة السفيرات العشرة معاً تشكل بارتسوف واحد” في كل من العوالم الخمسة ومن ثم يوجد خمسة NRNHY فرعية ناشئة من العشر سفيرات في كل بارتسوف كما هو مكتوب.

 ومن خلال إتباع الخطوات التي وردت في علم حكمة الكابالا يستطيع الإنسان وبالتدريج أن يستحوذ على الإرادة للعطاء لتكون فيه إناء روحي يستطيع من خلاله جلب الرضاء لخالقه، يستطيع الإنسان تحقيق النجاح في الوصول إلى التوازن الشكلي الكامل في سماته مع سمات الخالق من خلال هذه الدرجات التي توصله إلى الهدف النهائي. وفي هذه المرحلة يصبح الفكر وراء الخليقة في إغداق الخالق المسرات والمحبة الطاهرة والعطاء الكامل في إمكانية الإنسان الحصول عليه. وبالإضافة إلى هذا عندها يتلقون أعظم مكافأة إذ أنهم أعطوا دڤيكوت كامل مع الخالق أي الوصول إلى درجة الكمال في حصولهم على الرغبة في العطاء كتلك التي للخالق.

 ٩- لقد أصبح الآن من السهل فهم وإدراك الكلمات التي وردت في كتاب الزوهار عندما قال إن العوالم بأكملها العالم الأعلى والعالم الأسفل “المادي” وكل شيء فيها خلقت من أجل منفعة الإنسان. فإن جميع العوالم والدرجات بأجمعها وجدت لهدف مساعدة النفس في تكميل مراحل نموها لتصل إلى هدفها النهائي في وجودها في درجة الكمال التي وجدها الخالق من أجلها.

منذ البداية، وجدت هذه العوالم بدرجاتها متدلية عالم بعد عالم ودرجة تلو الأخرى لتصل بالنفس إلى هذا العالم لتسكن النفس جسداً مادياً إذ قيل في هذا أن الجسد الحيواني خلق منه إنسان. وهذا يرمز إلى الإرادة في التقبل والتي عندما وجدت لم يكن فيها أي معالم من الإرادة أو الرغبة في العطاء لتكن متماثلة في صفاتها بالخالق لتصبح إنساناً وليس كائناً حيوانياً أي الدرجة التي وجد فها الشخص في شكل معاكس تماماً في سماته مع الخالق وبالتالي لم يوجد تباين أعظم من هذا بين الاثنين.

 بعد ذلك ومن خلال النفس التي وجدت في داخل الفرد يستطيع عندها أن يتعلم كيف ينمي هذه النفس من خلال حكمة الكابالا وبالتدريج بينما يخطو درجات هذه العوالم من الأسفل إلى الأعلى يستطيع إحراز الإرادة في العطاء والتي هي من سمات خالقه من خلال البصيرة التي حصل عليها في تخطي هذه الدرجات الواحدة تلو الأخرى والمتدالية من الأعلى إلى الأسفل والتي هي في الواقع مقايس درجات الإرادة في العطاء.

 ففي كل درجة يرتقيها الشخص يقترب أكثر فأكثر من سمة العطاء مبتعداً عن الإرادة في التقبل للذات وفي النهاية يُكافأ الإنسان في كونه إرادة في العطاء بكماله من دون تقبل أي شيء لذاته. في هذه المرحلة ينمو الشخص ليصبح إنساناً في كماله، فهذا هو هدف الخليقة والهدف الذي وجد الإنسان من أجله، ولهذا نقول أن كل العوالم بكل ما فيها وجدت من أجل الإنسان فقط.

 ١٠- بما أنك وصلت إلى هذه المعرفة تستطيع الآن دراسة علم حكمة الكابالا من دون أي خوف وذلك بسبب أنه في البداية ينتاب الشخص الالتباس والتشويش فمن ناحية قيل أن جميع السفيرات والبرتسوفيم من بدايتها في عالم أتسيلوت إلى نهاية تسلسلها إلى عالم أسيّا على أنها كاملة في وحدتها وقداستها.

 ومن ناحية أخرى قيل كافة هذه العوالم ظهرت بعد عملية الحصر وكيف يكون من الممكن تصور هذا الحدث أنه أخذ مجراه في تقوى وقداسة كاملة متضمناً أعذا الدرجات ومكان تواجدها في العالم الأعلى والأسفل وجميع التغييرات التي تأخذ مجراها فيها في إحراز الإنسان لها في إرتقائه إياها أحياناً وفي سقوطه منها في الأحيان الأخرى وجميع التقارب بين السفيرات في الأحيان الأخرى. إذ أنه مكتوب: ” أنا الرب لا أتغير أبداً “.

 ١١- من كل ما سبق شرحه نرى أنه من الواضح أن جميع التغييرات من حصر وارتقاء وسقوط وجميع الأرقام كلها مقايس خاصة بإناء الإرادة في التقبل أي النفس البشرية. يجب علينا أن نتحلى بالقدرة في التمييز بين واقع الأشياء كما تبدو لنا في الوقت الحاضر وبين إمكانية تواجدها في حالة الكمال التام، كما لو أن الإنسان يعمل على بناء بيتاً، ففي البداية لا يرى إلا الحفريات والتراب والحجارة ولكن في فكره وفي مخيلته يرى صورة البيت في مرحلة إتمامه وكماله، لذلك قد قيل أن المرحلة النهاية للعمل كائنة في بداية الفكرة.

 ولكن إن صورة المنزل الذي يفتكر فيه الشخص في خياله تختلف عن شكل هذا المنزل بعد أن يتم بناءه لذلك الأمر فيما يتعلق بالعالم الروحي إذ أنه من الصعب على الإنسان تصوره بما أنه عالم غير مادي ويعتبر خلاصة جوهر تفكير هذا الشخص. في هذه المرحلة فكرة المنزل ليست أكثر من احتمال أو امكانية ولكن عندما تأخذ عملية البناء تتبلور عندها يتطلب مادة مختلفة عنما لو بقي فكرة في الخيال.

 هكذا أيضاً يتوجب أن نمتلك القدرة على التمييز بين ما هو احتمال في الخيال وحين يتبلور في الواقع الملموس بالنسبة لنا عندما يتعلق الأمر بنفس الإنسان. ففي بداية نشوء الفكر من الخالق ليصبح هذا الفكر واقعاً ملموساً ويتبلور في وجود النفس ” الخليقة” أخذ هذا الحدث مجراه في عالم برييا ولكن الإندماج الكامل لهذا الفكر وجد في عالم اين سوف قبل أن يأخذ الحصر مكانه في فكر الخليقة. كما ورد في مادة ٢ إذ قيل: كان الأمر يتعلق في ” امكانية” هذا الفكر قبل أن يتجلى كواقع.

 لذلك قيل أن جميع أجزاء ودرجات النفس كانت في وحدوية متكاملة في السفيرا ملخوت من عالم اين سوف والتي تدعى في هذه المرحلة ” نقطة الوسط ” بما أن هذه النقطة تتضمن ” الإمكانية ” في كافة أجزاء النفس أي إناء الإرادة في التقبل والتي أعدت لتصبح ” واقعاً ” يظهر من عالم برييا متجهتاً نحو الأسفل إلى العوالم التالية. أما عملية الحصر الأولى فأخذت مكانها في نقطة الوسط فقط وهذا يعني أنه في هذه النقطة بالتحديد يوجد جميع الميزات والقياسات والتي تعتبر في هذه المرحلة على أنها ما زالت في مرحلة  ” الإمكانية ” بالنسبة للنفس التي لم تتواجد بعد.

 يجب أن نعلم ان الإناء بكليته والذي يشتمل جميع السفيرات في جمع العوالم والمتدالية من الأعلى إلى الأسفل جميعها انبثقت من نقطة الوسط هذه بمقتضى زيڤوك دو هاكا وهو عمل المساخ في صد النور عن البيهينا دالت وإعادته إلى المصدر ما زال إلى الآن يعتبر مجرد إحتمال من دون تواجد جوهر أو ذاتية النفس. فالأحداث هذه كلها أُعدت لتؤثر على النفس التي إلى الآن ما زالت لم تنبثق من جوهر الخالق ولكن لتأخذ مجراها في مرحلة لاحقة.

 ١٢-   لو نظرنا إلى السفيرات العشر والتي هي: كييتر – حوخما – بيينا – حسييد – ڤيڤورا – تيفيرت – نتزاح– هود – ياسوود – وملخوت ، هذه السفيرات  هي بمثابة أغطية أو ستائر لو صح التغبير والتي يستتر إيين سوف خلفها. وقد أعطي للنفس أن تتلقى من نور الخالق من خلال هذه السفيرات كل واحدة بقدر حجمها وقدرة استيعابها له لذلك نجد أن  المتلقي لهذا النور محدود بالنسبة لكمية النور الذي يتلقاه لأن النور الذي يأتيه مقصور على حجم السفيرات وليس النور النابع من المصدر والذي هو متكامل وفريد من نوعه وغير متقلب.

 إن الإرادة في التقبل مقسمة إلى عشر درجات وبالتحديد بحسب ميزة كل من السفيرات. بالإضافة إلى هذا حتى لو أننا نرى أن هذه الستائر أو السفيرات توجد فقط في عالم البريا وما يليه من العوالم التي تتدلى منه أي عالم يتزرا وعالم أسيا، حيث أن جميع النفوس التي تتلقى النور من خلال هذه السفيرات توجد في هذه العوالم، أما في عالم أدم كادمون وعالم أتسيلوت ليس المكان التي تتواجد فيه أي من النفوس بما أن في اذان العالمين ما زالت الفكر لم يتبلور ليصبح مادة.

ولذلك نجد أن السفيرات العشرة لها سلطة وتحكم من خلالها في العوالم الثلاثة السفلى فقط وهي بيريا ويتزيرا وأسيا، ومع هذا فإن السفيرات في هذه العوالم الثلاتة تعتبر تقوى وصلاح من أعلى نقطة من عالم يتزيرا إلى نهاية عالم أسيا كمقدار الورع والتقوى والصلاح الذي يتواجد في عالم أدم كادمون وعالم أتسيلوت قبل عملية الحصر.

الفارق الوحيد كائن في إناء كل سفيرا من السفيرات العشر. فكل من السفيرات العشر المتواجدة في كل من العالمين عالم أدم كادمون وعالم أتسيلوت لا تُبرز للعيان مدى هيمنتها بما أن كيانها ما زال في وضع “الإمكانية ” وليس واقعاً ملموساً، فقط في العوالم الثلاثة السفلى عالم بيريا وعالم يتزيرا وعالم أسيا تظهر السفيرات بآنيتها المختلفة وتبدأ قواها في إظهار النور وإخفائه تتجلى ظاهراً للعيان. ولكن في النور نفسه فس هذه السفيرات لا يوجد أي تغيير فيه إذ أن هذه الستائر لا تؤثر على نوعيته أو مقدار قوته. وهذا هو تفسير معنى القول: ” أنا الرب لا أتغير أبداً “.

١٣- هنا لا بد أن نتسأل بما أنه لا يوجد أي ظهور لجوهر النفس في الإرادة في التقبل في كلا من العالمين عالم أدم كدمون وعالم أتسيلوت، ما هو عمل هذه الآنية التي تدعى العشر سفيرات ومن نخفي في طياتها على هذا المستوى؟

ينقسم الجواب إلى شطرين: الشطر الأول هو الأخذ بالإعتبار أن السفيرات في كل من العوالم الخمسة متدالية مع العوالم نفسها من نقطة البداية إلى نهاية عالم أسيا. أما الشطر الثاني من الجواب يكمن في أن النفس مقدر لها أن تتلقى النور أيضاً من السفيرات العشر المتواجدة في كل من عالم أدم كادمون وعالم أتسيلوت من خلال إرتقاء العوالم الثلاتة السفلى إلى عالمي أدم أتسيلوت وعالم كادمون من خلال مراحل إحراز النفس للعالم الروحي. لذلك يتوجب علينا أن إدراك هذه التغييرات التي تأخذ مجراها في السفيرات العشر في كل من عالمي أدم كادمون وعالم أتسيلوت بالتوافق مع النور المعد له أن يُنير على النفس في حين إحرازها لترتقي إلى الأعلى مع العوالم الثلاثة السفلى وعندنا تتمكن النفس من تلقي النور على هذا المستوى السامي التي تتواجد فيه السفيرات العشر.

١٤-  لقد أوضحنا بشكل دقيق ومفصل المعلومات عن العوالم والنفس وجميع التغييرات في جميع مراحلها المتعددة وعدد الدرجات بين العوالم كلها متعلقة بالإنا الذي في الإرادة في التقبل والتي من خلاله تتلقى النفس من النور، وجميع الالمقايس التي فيها والتي تؤهلها لتلقي النور من عالم أين سوف في جميع أجزاء إناء النفس مع عدم التأثير على النور الذي ينبثق من عالم أين سوف لأنه من غير الجائز أن تؤثر السنائر على نوعية النور التي تتلقاه النفس.

١٥-  بشكل عام  يستحسن بنا أن نميز بفطنة بين ثلات عناصر مهمة كائنة في السفيرات والبرتسوفيم أينما وجدوا وفي أي عالم من العوالم الروحية، هذه العناصر الثلاث هي: جوهر الخالق والذي يدعى ( أتسموتو ) والإناء للإرادة في التقبل والنور في مختلف درجاته وأنواعه.

أتسموتو – في علم حكمة الكابالا كل ما يمكن إحرازه هذا ما نتكلم عنه، أتسموتو هو جوهر الخالق ولم يحرزه أحد لذلك لا يوجد ما يستطيع الإنسان التكلم عنه. أما بالنسبة للإناء التابع للإرادة في التقبل يوجد فيه دائماً قوتان متناقضتان : المضمور والظاهر، وذلك لأنه في بداية وجود الخليقة وجدت على الدرجة نفسها التي كان يتواجد فيها أتسموتو قبل سقوط الخليقة من العالم الروحي من خلال درجات العوالم وكانت السفيرات العشر مخفية.

ولكن عندما تلقت النفس السفيرات العشر لتكن لها بمثابة الآنية التي من خلالها تتمكن من تلقي النور لم تعد هذه السفيرات مختفية بل ظهرت لتساعد النفس في إعادة إحرازها للعالم الروحي. وهكذا نرى أن الإناء في الإرادة في التقبل يحتوي على ميزتين متناقضتين ولكن في حقيقة الواقع هي ميزة واحدة ذو خلفيتين مختلفتين وهذه الميزة تحمل في طياتها مقاييس متساوية لكلا الخلفيتين المتناقضتين لهذا الإناء.

إن النور الذي يظهر في السفيرات يشير إلى حجم الدرجة التي تتوافق مع درجة نمو النفس لإحرازها الدرجة التالية. وبما أن كل شيء ينبثق من أتسموتو ولكن لا يوجد أي مكان للنفس في إحراز جوهره إنما يمكنها تبني من سماته عليها فقط من خلال إرتقاء النفس من خلال درجات العالم الروحي لذلك وجود  الدرجات العشر في الإناء ضروري لتلقي أنواع النور العشرة ، أي أن هذه الدرجات هي مقاييس إظهار سمات النور للنفس.

لهذا يتعذر التمييز بين نور الخالق وجوهره إلا  أن في جوهره لا يوجد للإنسان قدرة على الفهم أو أي إدراك حسي بتاتاً إلا ما يأتينا منه من خلال هذه السفيرات العشر ، وبناءً على هذا إن كل شيء يكون بمقدرة الإنسان إحرازه يدعى ” نور “.

3 تعليقات

  1. علم جميل وفقكم الله و نريد المتابعه

  2. Hou la la! Cela pourrait être l’un des blogs les plus utiles que nous ayons jamais vu sur ce sujet. En fait magnifique. Je suis également spécialiste de ce sujet afin que je puisse comprendre vos efforts. Christin Malchy Omer

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*