the Rabash

ليس هنالك سواه

كتاب شامعتي

من جميع الكتب التي كتبها عالم الكابالا باروخ شالوم هالفي أشلاغ ” الراباش ” والكراسات التي دون فيها الكثير كان دائماً يحمل في حوزته مفكرة واحدة . كانت تحتوي هذه المفكرة على نصوص التي تلقن فيها الإرشاد والعلم من والده عالم الكابالا يهودا أشلاغ والملقب بصاحب السلم كاتب ومؤلف ” الشرح والتفسير السلمي لكتاب الزوهار ” ومؤلف كتب ومقالات عديدة في علم الكابالا.  في شهر أيلول من سنة ١٩٩١ لم يكن عالم الكابالا باروخ أشلاغ على ما يرام من الناحية الصحية فاستدعى  تلميذه ومساعده الخاص والذي تتلمذ على يده  وأودعه هذه المفكرة والتي كانت تحمل كلمة واحدة فقط كعنوان  كلمة  ” شامعتي ” ومعناها ” أنا سمعت ” وأوصىاه بأن يحتفظ بهذه المفكرة وأن” يتعلم منها “. في صباح اليوم التالي فارق عالم الكابالا باروخ شالوم هالفي أشلاغ الحياة بين يدي تلميذه  تاركاً إياه والكثير من الطلبة في هذا العالم من دون أي راع ٍ ليرشدهم ويوجههم في الطريق الصحيح .

في التزامه ومحبته لمعلمه تعهد تلميذه آخذاً على عاتقه المسؤولية في تحقيق رغبة معلمه في نشر علم حكمة الكابالا للعالم أجمع . فأخذ هذه المفكرة وقام بنشرها حرفياً كما تسلمها من معلمه لهدف الحفاظ على القوة التي تحتويها هذه النصوص من خلاصة البحث والدراسة التي قام بها علماء الكابالا هؤلاء في إحراز العالم الروحي.

من ضمن جميع كتب علم الكابالا يتميّز كتاب ” شامعتي ” بصفته الفردية ونوعية مقالاته والقوة التي تحتويها الكلمات فيه وفعاليتها في مساعدة القارئ في منحه الإحساس والفهم والقوة في الدراسة والبحث.

لقد ترجمنا البعض من هذه المقالات

مع خالص محبتنا

 

ليس هنالك سواه

اليوم السادس من شباط من عام ١٩٤٤

قد كتبليس هنالك سواه. وهذا يعني أنه ليس هنالك من قوى أخرى تملك القدرة على أن تقوم بأي عمل ما ضد إرادته. وما يراه الإنسان من أن هناك أموراً في هذا العالم تنكر وجود السلطة العليا، هذا سببه أن هذه هي مشيئة الخالق وهذا ما يعتبر تصحيحاً والذي يقال لهاليسار ترفض واليمين تقرب من المحور الرئيسي، معنى ذلك أن ما ترفضه اليسرى يعتبر تصحيحاً. هذا يعني بأن هناك أموراً في هذا العالم تسعى من البداية إلى تحويل وإبعاد الشخص عن الطريق الصحيح، والتي بواسطتها يرفض الإنسان من القداسة، والفائدة من هذا الرفض أن من خلاله يحصل الشخص على الحاجة وعلى الرغبة التامة إلى مساعدة الخالق له وفقاً لإدراكه بأنه تائه من دون مساعدته. ولا يرى أنه لا يتقدم في العمل فحسب بل يدرك أنه يرتد إلى الوراء، وبذلك يرى أنه يفقد القدرة على حفظ الأسفار والوصايا حتى وإن كانت للوليشما ( ليس من أجل إسم الخالق). وأنه فقط عن طريق التغلب الحقيقي على كل العوائق فوق حدود المنطق يمكنه أن يحفظ الأسفار والوصايا. ولكن ليس لديه القوة دائماً للوصول إلى الإيمان فوق حدود المنطق وإلا فهو سيجبر لا قدر الرب على الإنحراف عن الطريق الصحيح حتى ولو من مكانه من لوليشما، والشخص الذي يشعر دائماً بأن الأجزاء المبعثرة أعظم من الكل الكامل، أي أن هناك تراجع أكثر مما هناك من إحرازات، ويرى أنه ليس من نهاية لهذا الوضع، وأنه سيبقى إلى الأبد خارج القداسة، لأنه يرى أنه من الصعب عليه حفظ الوصايا حتى ولو بمقدار ذرة، ما لم يكن عن طريق إحراز الإيمان فوق حدود المنطق. ولكنه غير قادر على الغلبة دائماً. فكيف ستكون النهاية؟

 عندها يتوصل إلى الإعتراف بأنه لا يمكن لأحد أن يساعده إلا الخالق نفسه. هذا يدعوه إلى أن يطلب ومن صميم قلبه أن يفتح الخالق عينيه وقلبه، وأن يقربه منه في إتحاد أبدي معه. وبالتالي يستنتج أن كل الرفض الذي عانى منه كان يأتيه من الخالق نفسه وهذا يعني أنه ليس لكونه على خطأ، أو لأنه لم يمتلك القدرة على تخطي الأمر. إنما لهؤلاء الذين يريدون حقاً أن يقتربوا من الخالق ولن يستقروا راضيين بالقليل،يبقوا كالأطفال غير مكتفين، من أجل هؤلاء أعطى عوناً من الأعالي لكي لا يقولوا الشكر للرب عندنا الأسفار والوصايا والأعمال الصالحة فما لنا الحاجة إلى شيء آخر؟

 إذا إمتلك الإنسان الرغبة الحقيقية عندها فقط سوف يحصل على العون من الأعالي. وسوف يبدو له دائماً كيف أنه على خطاء في وضعه الحاضر. أي سوف يتلقى أفكاراً وآراءً متناقضةً مع عمله في تصحيح نفسه، وذلك لكي يدرك بأنه ليس متحداً مع الخالق. ومهما تخطى من العقبات فسوف يرى دائماً كم هو بعيد عن القداسة أكثر من غيره من الذين يشعرون أنهم واحد مع الخالق ولكنه بالمقابل دائماً لديه شكاوى وطلبات ولا يمكنه أن يبرر سلوك الخالق تجاهه وطريقة تعامل الخالق معه. ويحزنه عدم إرتباطه مع الخالق؟ وأخيراً يتوصل إلى الإحساس بأنه ليس له أي مكان في القداسة مهما كان الأمر عليه.

 رغم أنه وبشكل مستمر يحصل على يقاظات من الأعلى وهذا ما يحيه مؤقتاً ولكنه سرعان ما يسقط في مكان وضيع. ولكن هذا ما يدفعه إلى الإدراك بأن الخالق وحده هو القادر على مساعدته وتقريبه منه بالفعل على المرء أن يحاول دائماً أن يتشبث بالخالق بمعنى أن تكون كل أفكاره مع الخالق. وذلك يعني أنه حتى في أسوأ الحالات والتي لا إنحدار أكثر منها، عليه أن لا يخرج من تحت سلطة الخالق أي بأن يعتقد بأن هناك سلطة أخرى يمكنها أن تمنعه من دخول القداسة أو أن تجلب عليه نفع أو ضرر.

 أي أنه يجب ألا يظن أن هناك قوى أو إله آخر (الجانب الآخر) والتي تمنع الشخص من أن يعمل صالحاً ويتبع طرق الخالق. ولكن بالأحرى يعلم بأن كل شيء هو من عمل الخالق.

 عالم الكابالا بعل شيم توف قال أن كل من يقول بأنه يوجد قوى أخرى في العالم بجانب الخالق، أي الكليبوت قوة غير طاهرة يكون هذا الشخص في حالةعبادة آلهة أخرى. إذاً ليس بالضرورة أن فكرة الهرطقةالإلحادوالبدع هي التعدي بحد ذاتها. ولكن إذا ظن الإنسان أن هناك سلطة أخرى وقوى منفصلة عن الخالق فبهذا هو يرتكب خطيئةً. علاوةً على ذلك أن كل من يقول بأن الرجل له سلطة مستقلة على نفسه أي أن يقول أنه هو بالأمس لم يرغب بإتباع طرق الخالق فهذا أيضاً يعتبر إرتكاب خطيئة الإلحاد إذ أنه لا يؤمن بأن الخالق وحده هو مسير العالم.

 ولكن عندما يرتكب خطيئةً فعليه بالتأكيد أن يندم عليها ويأسف على إرتكابه إياها. ولكن وحتى في هذه لا بد أن نضع الأسف والحزن في موضعهما الصحيح حيث الإشارة بالتحديد إلى السبب في إرتكاب الخطيئة فهذه هي النقطة التي يجب أن يندم عليها.

 ثم ينبغي أن يكون نادماً ويقول: أنا إرتكبت خطيئةً لأن الخالق ألقى بي إلى الأسفل أي من القداسة إلي القذارة. وهذا يعني أن الخالق أعطاه الرغبة والشهوة ليلهي نفسه ويستنشق الهواء في مكان ذو رائحة كريهة وقد تقول أنه مكتوب في الكتب أنه أحياناً يأتي الشخص متجسداً في صورة خنزير. يجب علينا تفسير هذا وكأنه يقول أن الشخص يحصل على رغبة وشهوة ليأخذ الحياة من الأشياء التي كان قد قرر أنها قمامة، ولكنه الآن يريد أن يحصل على التغذية منها أيضاً.

 عندما يشعر المرء بأنه في مرحلة الإرتقاء، ويشعر بلذة في العمل وهنا يجب أن لا يقول: “الآن أنا في مرحلة أفهم فيها أن عبادة الخالق تستحق العناء”. بالأحرى عليه أن يعلم أنه الآن وجد نعمةً في عيني الخالق، وبالتالي قربه الخالق إليه، ولهذا السبب يشعر الآن بلذة في العمل. وعليه أن يحذر من أن يترك مكان القداسة الذي وضعه فيه الخالق، ويقول بأنه يوجد هناك آخر يعمل إلى جانب الخالق وهذا يعني أن مسألة الإستحسان من قبل الخالق أو العكس أي أنه لم يجد معروفاً في عيني الخالق، لا يعتمد هذا على الشخص نفسه ولكنه يعتمد على الخالق فقط. والمرء بتفكيره الخارجي لا يمكنه أن يستوعب أو يدرك لماذا فضله الخالق الآن وبعدئذ لم يفضله.

 وبطريقة مماثلة عندما يأسف الإنسان على أن الخالق لم يقربه إليه، عليه أيضاً أن يحذر أن لا يكون إهتمامه منصباً على نفسه أي أنه بعيد عن الخالق. وذلك لأنه يصبح بهذا متلقياً لمصلحته الذاتية،وذاك الذي يأخذ لذاته يعزل بعيداً عن الخالق. ولكن بالأحرى يجب عليه أن يأسف على إبتعاد الشخينا الألوهية، أي أنه يسبب الحزن للألوهية. على الإنسان أن يتصور كما لو أن عضواً صغيراً في جسده يتألم فإن الذهن والقلب يشعران بالألم أيضاً وعلى حد سواء. القلب والذهن أساس بنية الإنسان ككل. وبالتأكيد فإن إحساس عضو واحد لا يقارن بإحساس الشخص بقوامه الكامل حيث يشعر بالألم بشكل كلي.

 على النحو نفسه، الألم الذي يشعر به الشخص عندما يكون بعيداً عن الخالق. بما أن الإنسان ليس إلا عضواً واحداً في الشخينا المقدسة إذ أن الشخينا المقدسة هي الروح المشتركة لشعب الرب، إذاً فإحساس العضو الواحد لا يتماثل بالشعور بالألم العام الذي يشمل الكل. وهذا يعني أن هنالك أسى في الشخينا عندما تكون الأعضاء مفصولةً عنها وليس بإمكانها أن ترعى أعضائها.

 وينبغي علينا أن نقول إن هذا ما قاله حكماؤنا:”عندما يندم المرء، ماذا تقول الشخينا؟ بالتعبير إنه أخف من رأسي. فإن عدم نسب الشعور بالحزن للإبتعاد عن الخالق لذات الشخص فإنه يعفى من الوقوع في فخ الرغبة في التحصيل للذات الرغبة الأنانية والتي تعتبر إبتعاداً عن القداسة. إن الأمر نفسه أيضاً عندما يشعر الشخص بالتقرب من القداسة، عندما يشعر بالبهجة والفرح حين يجد نعمةً من قبل الخالق. عندها أيضاً يتوجب على الشخص أن يقول أن سبب بهجته هو أنه يوجد بهجة في الأعالي أي في الشخينا المقدسة في تمكنها من جلب أحد أعضائها بالقرب منها، وبأنها لم تضطر بأن ترسله بعيداً عنها،فإن الشخص يستمد البهجة من مكافئته لإرضاء الشخينا. وهذا وتوافقاً لما ورد أنه عندما يكون هناك فرح جزئي فهو ليس إلا جزء من الفرح الكلي. تماشياً مع هذا يفقد الشخص فرديته ويتجنب الوقوع في فخ القوة الأخرى والتي هي الإرادة أو الرغبة في الأخذ لأجل مصلحته الأنانية.

 وبالرغم من أن الرغبة في الأخذ للذات -الرغبة الأنانية- ضروريةً بما أنها تشكل ماهية الإنسان، وبما أن كل ما هو موجود في الشخص منفصل عن الأنا فيه أو عن الرغبة في الأخذ للذات لا ينتمي للمخلوق بل أنها تعزا للخالق، لكن يتوجب تصحيح الرغبة الأنانية لتصبح رغبةً في العطاء المطلق.

 وبذلك نقول أن البهجة والفرح التي تحصل عليهماالإرادة في الأخذلا بد أن تكون ضمن إطار النية والقصد بأن هنالك رضاً وسعادةً في الأعالي حينما يشعر الخلق بالسرور، لأن هذا هو هدف الخليقةلمنفعة خليقته. وهذا ما يدعى فرح الشخينا في الأعلى.

 لهذا السبب، على الإنسان أن يلتمس النصيحة عن كيفية جلب الرضا للشخينا. وبالطبع عندما يحصل هو على السرور كذلك الشعور بالرضا سيملاء الشخينا. لذلك يتوق دائماً لأن يكون في قصر الملك وأن تكون لديه القدره على التمتع بكنوز الملك. وهذا بالتأكيد سيؤدي برضا الشخينا في الأعالي. وبناءً على ذلك لا بد أن يكون كل سعي الإنسان ورغبته فقط من أجل اسم الخالق.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*