الدرس

الدرس الخامس

علم حكمة الكابالا والفلسفة- هل يوجد هناك علاقة بين علم الكابالا والفلسفة؟ ما نقاط التشابه وما الفرق في نظرية كل منهما؟

 

الحلقة الدراسية الحرة – المرحلة الأولى

الدرس الخامس

 علم حكمة الكابالا والفلسفة

هل علم حكمة الكابالا فلسفة؟

أو هل لحكمة الكابالا أي علاقة بالفلسفة؟

معنى كلمة فلسفة : الفلسفة  كلمة يونانية مركبة من جزأين:  فيلو- ومعناها حب،  وسُوُفيا- ومعناها حكمة  أي حبُّ الحكمة. الفلسفة في بادئ عهدها في أيام طاليس كانت تبحث في أصل الوجود وصانعه، والمادة التي أوجد منها الكون، أما الفلسفة في العصر الحديث أخذت بالسعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهريّة  في حياة الإنسان كالموت والحياة.

أما سقراط فقد حول التفكير الفلسفيّ من التفكير في الكون وعناصر تكوينه  إلى البحث في ذات الإنسان وهذا أدى إلى تغييركبير في معالم الفلسفة بتحويل نقاشاتها  إلى طبيعة الإنسان وجوهره،  والإيمان بالخالق، والبحث عنه، واستخدام الدليل العقليّ في إثباته.

واستخدم سقراط الفلسفة في إشاعة الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة، وكان سقراط وأفلاطون معتمدين على العقل والمنطق كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق  قواعد تحدد صحته أو بطلانه.

أرسطو هو الوحيد الذي أجاب عن السؤال الذي يتعلق بماهية الفلسفة إذ قال أن معنى الفلسفة يرتبط بماهية الإنسان التي تجعله يرغب بطبيعته في المعرفة بعد التغييرات الهائلة التي حصلت منذ أيام أرسطو وأفلاطون  لم يعد دور الفيلسوف حب الحكمة والبحث عنها بالعقل بالرغم من عدم وجود المعرفة المتوفرة لبنية الكون.

فإنّ الفيلسوف الآن بات مقيّداً بالكثير من المناهج والقوانين المنطقيّة وبحصيلة النظريات العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالاً للشك في مشروعيتها بناءً على ذلك لم يعد تعريف الفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثيراً عن دور الفلاسفة من العصور السابقة.

الفلسفة هي علمٌ يدرسُ الواقع والوجود من حيث طبيعتهما الأساسيَّة  ويدرس ماهيَّة الأشياء أيضاً من الباحثين مَن يقسّم علم ما وراء الطبيعة إلى ميدانين:

  • علم الوجود وعلم الكون. فعلم الوجود يدرس الموجودات،
  • أما علم الكون فيدرس نظام الكون وتاريخه ومستقبله

 

يتناول علم ما وراء الطبيعة الأمور التي تبحث في الواقع وفي المبادئ والمفاهيم العامة  كموضوع الإرادة الحرة وإذا ما كان الإنسان يمتلكها. والنظريات التي نشأت من علم ما وراء الطبيعة هي:  المادية والمثالية والآلية والغائية.

النظريات الأربعة لما وراء الطبيعة تؤكد المادية أن المادة وحدها هي التي لها وجودٌ حقيقي، والمشاعر والأفكار هي ناتجةٌ عن نشاط المادة .

أما المثالية فتؤكد أن أي شيء مادي إنما هو فكرةٌ أو شكلٌ من أشكال الفكرة وبمقتضاها فإن الظواهر العقلية هي وحدها المهمة والمطابقة للحقيقة.

أما الآلية فتؤكد أن كل الأحداث إنما ناتجةٌ عن قوة آلية محضة، وليس عن غاية معينة، إذ لا يعقل أن نقول أن الكون في حد ذاته ذو غاية معينة في وجوده.

أما الغائية فهي على العكس، تقر بأن الكون وكل شيء فيه يتصف بالوجود والحدوث من أجل غاية معينة.

بحسب علم حكمة الكابالا إن الشخص في هذا العالم يتألف من أربع درجات أو مستويات  الجماد- النباتي- الحي- والمتكلم .نحن نرى درجات الجماد والنباتي والحي في الطبيعة من حولنا، كذلك درجات الجماد والنباتي والحي توجد في الطبيعة البشرية وهما نظامين يتم إدارتهما تلقائياً من ناحيتنا والكل يعمل معاً وذو تأثير علينا.

  • الجماد
  • النباتي
  • الحي
  • درجة المتكلم

أما بالنسبة لدرجة المتكلم والتي هي جزء من نفس أدم في الإنسان والقائمة فوق درجات الجماد والنباتي والحي  تتوجب أن توجد في توافق مع طبيعة القوى العليا ولكن القوى العليا لا تقوم بإدارتها إذ أنها بمثابة بصيرة أو حسن تميز في داخل الشخص فمن واجب الإنسان أن يكمل نفسه  في إطار حرية الإختيار لديه، أي أن ينمي درجة المتكلم فيه ليصبح متجانسا ومتوازنا في السمات مع طبيعة القوى العليا.

فإن هذا ما يجعلنا بشراً

عبر العصور نرى أن البشرية حاولت وفي أكثر من أسلوب أن تجد سبيلاً لفهم طبيعة الجزء الإنساني من رغبة الشخص  وكيف تستطيع التأثير عليه ليستطيع الشخص قبول العالم الذي يعيش فيه مُقدراً الحرية التي وهبت له.

أما علم حكمة الكابالا فهو يختص بدراسة ماهية الإنسان ودوره في هذا العالم، إذ أن كل شيء يراه الإنسان ويشعر به ويدركه من معرفة كله نابع من فكره. ولكن درجة الفهم والإدراك الصحيح للجزء الإنساني فينا يتوجب علينا اكتسابها  لهذا السبب نجد أنّ الفلسفة تتعامل مع الأشياء المجردة . وفي محاولة البشريّة معرفة  ما تحاول الفلسفة أن تقدمه للناس ظهر أنه أمرٌ لم يكن باستطاعة البشر إحرازه وذلك لعدم قدرتهم على الإحساس به فعلى مر العصور بذل الفلاسفة أقصى جهودهم كي يقدموا للبشرية  جواباً عن الوجود وعن حياة الإنسان فيه ولكنهم عجزوا لأن تجاربهم لم تكن قائمة على قوانين علمية بل على أمور مجردة والتي بالتالي جلبت المعاناة للبشرية  فعلى مر العصور بذل الفلاسفة أقصى جهودهم كي يقدموا للبشرية  جواباً عن الوجود وعن حياة الإنسان فيه ولكنهم عجزوا لأن تجاربهم لم تكن قائمة على قوانين علمية بل على أمور مجردة والتي بالتالي جلبت المعاناة للبشرية

ولذلك نرى الفلسفة في يومنا هذا مركونة على الرفوف بما أن البشرية  قررت التعامل مع الحياة بناء على مبدأ  ” القاضي لا يملك إلا ما تراه عيناه” لذلك توصلت الفلسفة إلى ما هو عليه اليوم  إذ أنها أصبحت مجرد أمر سطحي لا يأخذه الناس بإعتبار، بل تحولت إلى كل ما يستطيع المرء فلسفته من الخيال والنزوات الخيالية عن الحياة.

لا يوجد فلسفة نقية اليوم بل أن الفلسفة أخذت تمتزج بعلم النفس وعلوم أخرى متنوعة فنحن نرى أن التكنولوجيا بدأت في الدخول في مجالات العلوم والفلسفة  للبحث عن مصادرها  ولذلك نحن نرى اليوم أن الفلسفة ليست حية بحد ذاتها  ولولا إرتباطها بالعلوم الأخرى لم تكن قادرة على التواجد إلى الآن.

فما هي الفلسفة؟

موضوع الفلسفة وعلاقتها بعلم الكابالا كان أمر مهم جداً عند صاحب السلم تعالوا لنرى ما يقول فيه « أن الفلاسفة يعتقدون أنهم يعلمون الجواب لجوهر الحياة  بالرغم من أن لديهم آلاف من الآراء المتنوعة حول موضوع جوهر الحياة وهدف الإنسان فيها  وذلك لأن جميع أجوبتهم قائمة حسب أحداث التاريخ المتقلبة وبما أن التاريخ في هذه الحالة يشكل سلسلة من الأخطاء وخيبات الأمل المتكررة على مدى حقباته مما يجعل نتائجهم وحلولهم لا صلة لها بالموضوع نفسه  كي يكونوا مؤهلين لإعطاء جواب صحيح عن موضوع جوهر ومعنى الحياة »
فمن ناحية تنص الفلسفة على ان الروحي هو ما أنتج المادي وإن النفس هي التي أوجدت الجسد ولكن هذا القول يشكل معضلة ليس لها حل إذ أنها تربط العالمين الروحي والمادي معاً مناقضة ما تدعيه على أنه لا يوجد أي علاقة أو تداخل بين الروحي والمادي فكيف وعلى هذا الحال يكون من الممكن أن المادي يُولد من الروحي؟

بما أن علم حكمة الكابالا علم إختباري فهو لا يتكلم عنما هو خارج إمكانية الإنسان فيما يستطيع إحرازه  آخذاً بعين الإعتبار أن الغير موجود ليس ذو قيمة أقل من الموجود.

مبداءالكابالا الرئيسي ينص على أن كل ما لا يستطيع الإنسان إحرازه لا يمكن تسميته. فكل ما لا يستطيع الإنسان الإحساس بتأثيره عليه لا يستطيع إدراكه. فن ناحية لدينا النور القادم من العالم الروحي ومن ناحية أخرى لدينا الخليقة «الأنا» والتي هي بمثابة الإناء الذي تشعر به الأنا بنور الخالق. ففي حال عدم تواجد النور في داخل هذا الإناء كيف يستطيع الإنسان إدراكه وتسميته؟

فكلمة النور

كلمة ذات معنى مجازي ومن الصعب على الإنسان الإحساس بها وبالتالي إدراكها يتكلم علم الكابالا عن التفاعل الذي يتواجد بين النور والإناء ولا يتكلم أبداً عن جوهر وماهية النور ذاته.

من الممكن أن يحرز الإنسان النور، وعلمياً هذا يدعى « المادة والشكل» فعندما تأخذ المادة شكلاً ما عندها يستطيع المنطق الإنساني إدراكها وتعريفها وتسميتها. وهكذا يصبح الشكل نتيجة الإنطباع الذي حصل عليه الشخص  من خلال الشعور الذي اختبره.

من المعروف أن كلمة «حُب» ذات معنى مجرد  وإذا لم ترتبط بإسم أو بشيء لا يمكن للإنسان إدراكها. ولكن إذا أعطيناها شكلاً ما كما في قولنا «حب الخالق» عندها يمكن إدراك المجرد بسبب إكتسابه شكلاً معيناً.

من هذا المنظور نرى بأن جوهر الحب والنور متماثلان في المفهوم بما أن كلاهما ذو معنى مجرد. وبما أننا نتكلم عن الحب، لنقل أنك تلقيت هدية من شخص عزيز عليك، هنا نرى أن المحبة تأخذ طابعاً قوياً ليس بسبب قيمة الهدية بل بسبب معزة المعطي ومقامه في نظرك، وشعورك بالمحبة هو ما يعطي الموقف أهمية كبيرة عندك فيصبح إحرازك للشعور بالمحبة أمراً مجرداً تماماً عن المادة ليبقى هذا الشعور من خلال الإنطباع الذي خلفه في داخلك بينما لا تترك الهدية أي أثر في القلب.

وهذا ما يدعى « الشكل في علم حكمة الكابالا» النور هو الهدية أي المادة والشعور بالمحبة هو الشكل. إذا وُجد الحب بين شخصين
فمن المتوجب على الإثنين التواجد على المستوى نفسه.

قد أشرنا في الدرس الثاني إلى تقسيمات درجات العوالم الروحية وبحسبها سنقوم بتحديد مستويات درجة المحبة توافقاً مع كل عالم:

  • فِعل تقديم الهدية متواز مع مستوى عالم عاسيَّا.
  • تقديم الهدايا المتكرر متواز مع مستوى عالم يتسيرا.
  • إظهار جوهر المحبة يدعى بعالم برييَّا.

هنا تبدأ دراسة الشكل في علم الكابالا إذ أنه في هذه المرحلة يصبح الإنسان قادر على الفصل بين إنطباع المحبة والهدية ودورها.

  • عندما يصل الحب إلى المرحلة النهائية في إنفصاله عن المادة يستطيع الإنسان الإرتقاء إلى مستوى عالم أتسيلوت المكان الذي تعود فيه المادة لترتدي الشكل، أي أنه لا يعود يوجد أي فرق بين النور وشعور المحبة الذي يشعر به الإنسان.

إن جوهر المادة يكمن في القوة المتواجدة فيها. وتعريفنا لقوة بنكران إرتباطها بمادةٍ معينةٍ هو شيئ بعيد عن المنطق. فإلى أن يتطور العلم ليأخذ شكله الكامل والمثالي يجب علينا أن نعتمد على ما هو ذو واقع صلب وملموس.

بحسب علم حكمة الكابالا وبناءً على نظرية المادة والشكل، نرى أن الكون مؤلف من الإناء أي الرغية ومن النور أي الشعور بالملذة، والفرق بينهما يظهر في مرحلة  الخليقة الأولى في إنفصال الرغبة عن القوى العليا حين كانت الرغبة ممتلئة بنور الخالق بشكل كامل.

وهكذا أن تقدير ححجم المسرة أو الملذة يكون حسب حجم الرغبة. إن الخليقة أي الإرادة في التقبّل في مرحلتها الأولى منقسمةٌ إلى فئتين:

* جوهر المتلقّي– الرغبة في التلقّي أو جسد الخليقة، والتي هي الإناء لتلقّي المسرات.

* وجوهر الملذة نفسها– أي النور، نور الخالق الذي يفيض بإستمرار نحو خليقته.

وهكذا فإنّ كل جزء من أجزاء الكون يتكون من خاصيتين متداخلتين، لأن الإرادة في التقبّل هي أساس الخليقة وهي سمةٌ لا تتواجد في القوى العليا ولذلك دعيت بالخليقة أو المخلوق.

بالنسبة عن كيفية إبداء الروحي لما هو مادي وبعث الحياة فيه يبدو أنه أمرٌ صعب الإدراك إذا اعتبرنا أنه لا يوجد هناك علاقةٌ بين الروحي والمادي.

ولكن واستناداً على بحوث وتجارب علماء الكابالا الموثقة ببراهينٍ قائمةٍ على قوانين الطبيعة العلمية والفيزيائية فقد اكتشفوا بأن هناك تشابهٍ وتماثلٍ بين كل ميزة روحية ومثيلتها في العالم المادي ومن هنا نجد بأن الفرق يكمن في المادة فقط أكانت روحية أم مادية، إذ أن جميع السمات الروحية تعمل من خلال المادة في العالم المادي.

هناك ثلاث مفاهيمٍ خاطئة في محاولة فهم ماهية الروحي والمادي:

* إن قوة الفكر الإنساني هو جوهر الإنسان أي نفسه الخالدة.

* إن الجسد البشري عبارة عن إمتداد للنفس وناتج عنها.

* الجوهر أو المادة الروحية ذو تركيبة بسيطة وغير معقدة.

إن هذه الإفتراضات الخاطئة أثبتت عدم صحتها من قِبَل علم النفس المادي ومنذ ذلك الحين أُثبتت بأن كل من يبغي إحراز العالم الروحي يستطيع ذلك فقط عن طريق علم حكمة الكابالا.

 

الأسئلة

ما هو المبدأ الأساسي في علم حكمة الكابالا بالنسبة لقانون الإحراز؟

ما هي درجات المحبة الأربع؟

ما فئتا الإرادة في التقبل؟

ما هي درجات أو مستويات الرغبة التي يتألف الإنسان منها؟

ما هي درجة المتكلم؟ ولما من الضروري على الإنسان تنميتها؟

 ما الأمور التي يعالجها علم الكابالا؟

 

إن الأمل الوحيد  لدينا في مستقبل زاهر
يكمن في تأسيس أسلوب جديد للتعليم التربوي  لنا ولأولادنا
لإكتشاف وإيقاد الأمل والرغبة وإعادة شعلة الأمل
في خلق عالم جديد نجد فيه السعادة والإكتفاء

من صاحب السلم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*