Baal-Hashulam 11

المادة والشكل في علم حكمة الكابالا

بشكل كلي إن العلم مقسم إلى جزئيين، ينسب للأول باسم ” البحث المادي ” وأما  الآخر فيدعى ” البحث التكويني أو الشكلي “. وهذا يعني أن الشكل والمادة هما عاملين متواجدين في كل عنصر وفي كل جزء من الواقع المحيط بنا والذي نعيش فيه.

 على سبيل المثال، نحن نعلم بأن الطاولة مكونة من مادة أي الخشب، ولها شكل أي المظهر المتجسد أمام أعيننا. فالمادة هنا أي الخشب هي الحاملة للشكل أي الطاولة. وأيضاً لو أخذنا كلمة: ” كاذب ” نرى أن لها أيضاً مادة وشكل، فالمادة هي الشخص المشار له، أما الشكل فهو الكذب. فالمادة والتي هي الشخص حاملة للشكل أي العادة في قول الكلام الكاذب.

  هكذا الأمر أيضاً بالنسبة للعلم والذي يبحث في عناصر الواقع الذي نعيش فيه، والعلم مجزءٌ  إلى جزئيين كما أوردنا في البداية، البحث المادي والبحث الشكلي. إن الجزء الذي يبحث دارساً في نوعية المادة في واقعنا ما إذا كان للمادة شكل أو من دون شكل وهذا ما يقال له البحث المادي. هذا البحث التجريبي والذي يرتكز على البراهين والنتائج المستمدة من هذه الدراسة ومن هذا الاختبار العلمي والذي يعتبر أساس سليم ومتين لهذه النتائج الصحيحة.

 أما الجزء الآخر من هذه البحوث العلمية يبحث في الأشكال المجردة الناتجة عن المادة من دون أي علاقة لها مع المادة بذاتها. في المثل الذي أشرنا إليه سابقاً عن الشخص الذي يتكلم بالكذب، تقوم الدراسة بإنتزاع الشكل ما إذا ما كان الحقيقة أم الكذب من المادة نفسها والتي تشير إلى الأشخاص الحاملة لهذا الشكل مستخدمة البحوث لمعرفة وتحديد القيم العليا أو الوضيعة للأشكال أي للحقيقة وللكذب إذ أنها تعتبر أشكال مجردة بحد ذاتها إذ لم تكتسب مادة عليها. وهذا ما يطلق عليه بالبحث الشكلي.

 هذا النوع من البحث غير قائم على التجارب العملية بسبب أن شكلها المجرد لا يظهر بهذا النوع من التجارب بما أن الأشياء المجردة لا وجود لها في الواقع الفعلي وهذا بسبب أن الأشكال المجردة هي أشياء خيالية أي أنها توجد في الخيال فقط.

 لذلك وبما أن البحوث العلمية من هذا النوع قائم فقط بالضرورة على أساس نظري. وهذا يعني أن هذه البحوث لم تؤخذ من تجارب عملية ولكنها محصورة فقط في نقاش نظري.

 إن الفلسفة السامية بكليتها تنتمي إلى هذا النوع من البحوث الشكلية لذلك نرى اليوم أن الكثير من المفكرين المعاصرين ابتعدوا عنها تاركين دراساتها بما أن النتائج كانت غير مرضية وليس لها أساس صلب وعميق كما البحوث العملية التي تستند على نتائج ثابتة.

 علم حكمة الكابالا أيضاً مقسم إلى جزئيين: البحوث المادية والبحوث الشكلية، ولكن يوجد في علم الكابالا أفضلية وميزة أعظم من تلك التي نجدها في العلوم الباقية إذ أننا نجد حتى البحوث الشكلية مبنية على نقد المنطق العملي أي على أساس عملي وتجريبي.                   

      

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*