www.hikmatelzohar.com.64

الشبكات الإجتماعية

  الشبكات الاجتماعية أصبحت أكثر رواجاً في العالم. فإن الملايين من الناس ومن جميع أرجاء العالم يتصفحون الشبكة يومياًفالشبكة تُوفر لهم الأخبار والتواصلات الجديدة كما تحمل في حوزتها المفاجأت في بعض الأحيان ولكن كيف نستطيع الإجابة على السؤال الذي يطرح هنا، لماذا نحن نرغب بل نفضّل إدارة علاقاتنا الاجتماعية عبر شاشة الحاسوب عوضاً عن التعارف الشخصي؟ 

في الأعوام الأخيرة يبدو لنا وكأنّ عقاراً جديداً استولى على الإنسانية وخاصة على أولائك الذين يمضون أوقاتاً طويلةً أمام شاشة الحاسوب. فالكثير ينضُمّون إلى مجموعة أصحاب جُدد ويقومون بتحميل الصور، يتصوّرون ويتعارفون ويُشاركون مع المتصفحين الغرباء بما يمر عليهم من تجارب وأمور يومية وأمور خاصة ويتكلمون على “اون لاين” وإلى آخره.

العديد من المُتصفحين يعترفون أن الشبكة اِستحوذت عليهم بشكل قوي وهم يُمضون ساعات طويلة من وقتهم متنقلين بين صفحات الشبكة. فهل ان “الفيس بوك” أصبح غطاءً لواقعنا الحالي في إنشأ طريقة جديدة وآمنة لبناء علاقاتنا الإجتماعية أم انه نقطة انطلاق في تطوير مجالات التقدم الذي تشهده البشرية؟

يبدو أنه من الصعب إجاد الجواب الصحيح لهذه الأسئلة ولكن من المؤكد أن الشبكات الإجتماعية تُعتبر الوسيلة السهلة والمتوفرة للهروب من الواقع إلى عالم الخيال إذ أننا نرسم الصورة التي نرغب بها ونحبذ أن يرانا الناس من خلالها. إننا نرسم عالم أكثر جمالا من واقعنا الحالي ومتباعداً تماماً عن الحقيقة واضعين حداً لعدم تَطفل الآخرين على حياتنا أكثر مما نحن نسمح لهم به ممسكين بزمام الأمور كما نحبذ وهذا يتبلور من خلال الصور التي نعرضها بعد التحرير والإضافات وبعد تجميلها بحيث تأخذ واقعاً مختلفاً تماما عن واقعنا الحقيقي. ولكن هل الوهم الذي توفره الشبكات الاجتماعية كبير إلى الحد الذي يجعلها بديلاً مقنعاً لدينا عن الطريقة التقليدية في بناء علاقات إجتماعية صحيحة والتي من خلالها نتعامل مع الواقع الحقيقي في مواجهة الصعوبات والعمل على التأقلم مع الأشخاص الآخرين محترمين الإختلاف الفكري والشخصي في كل إنسان ؟ هل أنَّ شاشة الحاسوب أصبحت القناع الواقي الذي يوفر لنا الحماية المطلوبة في إنفتاحنا وفي تعاملنا مع الآخرين لتفادي جرح المشاعر وحماية كبريائنا من اليأس في عدم القناعة بواقعنا. هل أنَّ الشبكات الاجتماعية أصبحت الواقع الخيالي الذي نهرب إليه لتفادي الواقع الحقيقي والذي يتطلب منا الجهد في التعامل والإرتباط مع الآخرين ؟

مرتبطون ولكن بصلة منقطعة

إن علم الكابالا يشرح لنا كيفية العلاقات المتنوعة وكيفية الإرتباط الصحيح بين أبناء البشر. ولفهم نوعية الإرتباط الصحيح يتوجب علينا العودة إلى  الجذور في معرفة مصدر رغبتنا وحاجتنا في الإرتباط مع الآخرين من أبناء البشر. علم الكابالا يُنمّي في الإنسان حسٌ لنقد وتحليل الأمور، ويُنمّي فيه حدس واضح والقدرة على البحث الواعي بشأن نفسه والعالم المحيط به، فعندما خلق الخالق الكون خلق النفس البشرية والتي أسماها آدم  لما أخطأ آدم سقط وتبعثرت نفسه إلى أجزاء وكل واحد منا هو جزء من هذه النفس التي تدعى أدم، فالبشرية هي جسد واحد وكما الخلايا في جسد الإنسان الواحد كذلك نحن البشر فكل خلية توجد في مكان معين ولها عمل معين وخاص بها إذ تتميز بصفاتها الخاصة والتي تؤهلها للقيام بالعمل الخاص بها . كل خلية تعمل بنظام وتبعاً للقوانين المنصوصة عليها لإبقاء الجسد على قيد الحياة . ففي هذا النظام كل خلية تؤثر بدورها على الخلايا الأخرى  وعلى الجسد ككل وأيضًا تتأثر بعمل الخلايا الأخرى  هنا نرى مصدر الرغبة التي توجد في كل منا في سعيه للإرتباط بأفراد البشرية إذ أننا أجزاء من النفس الواحدة وكما أنه من المستحيل على الخلية الواحدة التواجد من تلقاء ذاتها كذلك نحن أيضاً. علم حكمة الكابالا يُعلمنا القوانين والطريقة لتصحيح “الأنا” فينا أي “الأنانية – حب الذات” وبدلاً من الصراع والمعاناة في الحياة محاولين إجاد أنفسنا في العالم الذي نعيش فيه أو الهرب إلى إستخدام الشبكات الإجتماعية كقناع يفصلنا عن الواقع أو يودي بنا إلى الضياع في عالم الخيال.

إن هدف تواجد الشبكات الاجتماعية ليست إلا ّ محاولة للبحث عن طريقة لإستعادة العلاقة ونوعية الترابط الصحيح ، ولكن نحن نعلم الآن أن تصحيح ” الأنا ” في كل منا هو الطريق الوحيد لبناء العلاقة الصحيحة فإن حب الذات في كل منا هو العائق الذي يحول بيننا والذي يدمر إرتباطنا معاً إذ أننا في كل علاقة نشرع بها نجد أن الشيء الوحيد الذي نهتم به هو الفائدة التي تعود عليّ أنا وما الذي سأجنيه لسعادة نفسي أنا من دون أي إهتمام بحاجات الآخرين أو بسعادتهم.  أنانية كل منا هي السبب الوحيد في عدم قدرتنا على بناء علاقات صحيحة وبلجوءنا إلى الشبكات الإجتماعية عملنا منها الوسيلة لتغذية غرورنا والهروب من الواقع الذي يحتم علينا تصحيح ” الأنا ” فينا لنحصل على علاقات إجتماعية صحيحة ومثمرة في بناء مجتمع صحيح.

 

2 تعليقات

  1. شكرا لكم اخوتي الكرام

  2. شكرا لكم أحبتي
    ربي يبارك جهودكم ويوفقكم لما فيه الخير والصلاح

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*