الزوهار

أسئلة من دروس الزوهار

“طريقُ الكابالا هو لا أكثر ولا أقل مِن سِلسلةٍ مُتعاقبةٍ مِن الجذور المُتماسِكة والمتداليةِ إلى الأسفل بناءً على نَظريِّة الحَدثْ والعاقبة على شكل قوانين ثابتة ومحددة تتناسجُ كُلها متمازجة ً لتشكلُ هدفٌ واحدٌ وعظيمٌ نستطيعُ وَصفه بأنَّه وَحيُ وإظهار وَرَعُ وصلاح الخالق تعظم ذكره تجاه خَلِيقتهُ في هذا العالم”

عالم الكابالا يهودا أشلاغ – صاحب السلم

هناك قوى عليا واحدة  أي الخالق، كل القوات التي في العالم والمحسوسة لدينا  كلها تنحدرمنه . بينما هناك قوات ذات نظام وترتيب أعلى والتي تعمل في واقعنا في حين تبقى متوارية عن أنظارنا. يحتوي علم حكمة الكابالا على نظام ومعرفة بُنية هذه القوات المتوارية وعلى سلسلة القوانين التي من خلالها تؤثر على حياتنا. ويعلمنا أيضاً كيف نُنمي حاسة إدراكنا وفهمنا لهذه القوات وإكتشاف هدفها الوحيد بإيصالنا إلى مرحلة إظهار وحي الخالق في حياتنا هنا في هذا العالم. 

منذ قرون عدة كان علم حكمة الكابالا مخفيّاً عن العامة إذ كانوا غير مؤهلين لتقبّل الحكمة، ولكن جيلنا نحن الذي أشير له من قبل علماء الكابالا على أنه الجيل الأول الذي بإمكانه فهم وإستيعاب محتويات كتاب الزوهار.

في الواقع ثلاثة من عمالقة علم الكابالا، عالم الكابالا شيمون بار يوخاي مؤلف الكتاب وعالم الكابالا الطاهر الآري مؤلف كتاب شجرة الحياة وعالم الكابالا الشهير يهودا أشلاغ  أجمعواعلى أنّ في نهاية القرن العشرين سيكون علم الكابالا مفتوحاً أمام الجميع وبدون حدود.

نظراً إلى نوعية اللغة الفريدة والمجازية التي كتبت بها مواضيع كتاب الزوهار جعلت الكتاب قادراً على تزويد إدراكنا بثراء في مفهومنا للواقع وتوسيع نظرتنا للعالم بعمق. لذلك عند قراءة محتويات كتاب الزوهار يجب أن يتحلى الإنسان بالصبر والنظر بعمق وتمعن في كل عبارة محاولين إختراق أعماق نفس الكاتب وأحاسيسه كي نشعر بالنور على هذه الدرجة ليرتقي بنا من خلال تصحيح الأنا فينا لنحصل على إدراك غنى نور الخالق وتأثيره علينا، يجب أن نقراء الكتاب بهدوء محاولين إستخلاص معاني الكلمات بدقة.

بالرغم من أن النص يُعنى بموضوع واحد فقط وهو كيفية العلاقة بين الخالق والمخلوق إلاّ أنه يطرح ويناقش هذه الفكرة من زوايا مختلفة وهذا يُمكّن كل فرد منا أن يجد عبارة أو كلمة لتكون له الوسيلة التي تحملنا وتخوض بنا إلى اعماق هذه الحكمة السرمدية.

لقد إنتقينا مجموعة من الأسئلة التي طرحت في دروس الزوهار وقام عالم الكابالا بالإجابة عنها لتكن عوناً للقارئ في إستقائه من هذه المعرفة العميقة. نتمنى بأن تستفيدوا منها وفي حال تواجد أي سؤال الرجاء إرساله لنا من خلال الموقع .

أسئلة من دروس الزوهار

سؤال: كيف أن كتاب الزوهار تنبأ جميع الأحداث التي تأخذ مجراها في يومنا هذا في حين أنه كتب في القرن الثاني من تاريخنا المعاصر؟

عالم الكابالا: حتى لو أن كتاب الزوهار كان قد كتب منذ ألفي سنة إلا أن مدونيه كانوا أناس أحسوا بكل الظواهر الطبيعية التي من شأنها أن تدفع البشرية بإتجاه التطور نحو الأمام. هذه المراحل وهذه الأفكار نعلمها تماشياً في حدود الزمن في العالم الذي نعيش فيه، ولكن العالم الروحي لا يحده زمن فهو أبدي ، لذلك الزمن كما نألفه هنا لا يتواجد  في العالم الروحي ولا في إحرازه. فإذا أستطاع الإنسان الإرتقاء فوق حدود الزمن نستطيع معرفة كل ما يحدث في هذا العالم من البداية إلى النهاية.

إذ خضع الإنسان لتصحيح نفسه ومحيطه من حوله فكل الأحاث التي تنبأ بها كتاب الزوهار تُلغى ويُمنع وقوعها. ولكن بدون تصحيح تأخذ الطبيعة على عاتقها وبالقوة في وضع الضغوط على البشرية لتسير بنا إلى طريق التصحيح، وهكذا يصف كتاب الزوهار ما الذي سيأخذ مجراه في حال رفض الإنسان للتصحيح.

مؤخراً لا زلنا بعيدين كل البعد من بناء علاقات متناغمة فيما بيننا، بناء علاقات يسودها الإنسجام والتي من خلالها نتمكن من تلطيف والتخفيف من حدة وقساوة القوات القاسية والتي تضغط علينا جابرة إيانا على النمو والتطور، لذلك كل ما ورد في كتاب الزوهار من نبوة قبل ألفي عام أخذ يتجسد في يومنا هذا. ولكن وبمساعدة الخالق سننجح في منع هذه الآحداث التي وردة في نبوة كتاب الزوهار من أن تتجلى في واقعنا وعالمنا الذي نعيش فيه.

سؤال: في الحياة هناك إهتمامات عديدة لدى الإنسان كالعائلة والعمل وأمور أخرى من ميول وأمور ترفيه وإلى آخره من كل هذا كم يستطيع الإنسان وإلى أي حد أن يُهملِ من هذه الأمور ليضع نفسه في بيئة روحية؟

عالم الكابالا: كل هذا التفحّص  الدقيق في إرتباطك بمجتمعك هو موضوع شخصي فإنه بإمكانك أن تكون في عملك أو بيتك أو مع أولادك ومع أقربائك فهذا كله لا يُعيق نموك الروحي على الإطلاق. المهم هنا هو ما الذي يؤثر عليك؟ أنت قريباً ستعود لبلدك سيسيلية بعد قضاء عدة شهور معنا هنا, فعند عودتك وبالرغم من وجودك جسديا ً هناك أنت لا تزال مرتبطا ً بنا لأن قلبك معنا ونحن نشعر بقربك وبوجودك معنا, فأنت ستكون هناك مع عائلتك وفي عملك ولكن روحيا ً أنت مرتبط معنا لذلك  وهذا ما آمله أنا بأنه سيكون لديك  إدراك أعمق للأمور حال تواجدك هناك.  فإن وجودك مع عائلتك وأقربائك وأصدقائك وعملك سيُظهر لك أن الأمور من حولك كلها مشوشة وستشعر بالإرتباك والحيرة ولكن في أعماق قلبك أنت دائما ً مرتبط معنا. في هذه الوضع أنت ستشعر بتصادم الرغبات في داخلك ولكن هذا التصادم هو الذي سيؤدي بك إلى رؤية الأمور بوضوح أكثر وبدقة أعمق ليساعدك في نموك الروحي .. فالإنسان الذي يبذل جهده رغم الصعوبات التي يواجهها هو الذي يُحرز تقدما ً روحياً.  عندما تشعر بالذي أقوله, أكتب إليَّ وأخبرني.

 سؤال: إذا كان كل إهتمامي مُنصبٌّ ليس على كيفية تلقي ما أحتاجه وأريده أنا من البيئة المحيطة بي أي من “المجموعة” التي أنضم إليها بل أن إهتمامي هو بالمجموعة وبنوعية الإرتباط الذي يجمع الأعضاء سوياً، إهتمامي هذا سيكون هو الدافع لكي تؤثر هذه البيئة عليّ؟

عالم الكابالا: أنا لا أحتاج أن أركز تفكيري في ما بإمكاني الحصول عليه من المجموعة بل يكفي أن أركز إهتمامي وأفكر فيما أستطيع عمله لهدف زيادة قوة إرتباطهم معاً كسلوك الأم تجاه أطفالها  فإن إهتمامها مركز نحو كيفية إيجاد الإلهام في العطاء والمحبة تجاه صغارها في تقويتهم والعناية بهم. أنا بدوري يجب عليّ أن أعتبر نفسي وكأنني الوعاء الكبير هنا لكي يكون بإمكاني أن أقوّي المجموعة وأؤثر عليهم بشكل إيجابي فكيف يكون بإمكاني فعل هذا إذا كان لديّ سلوك مخالف  لهذا المفهوم؟ أيضا ً وبعد ذلك كيف أستطيع أن أجعل نفسي على نفس المستوى الموجودين عليه ليكون بإمكاني أن أتأثر بهم. مع مرور الوقت سيصبح هذا الأمر أكثر وضوحا ً عندك فإن الشيئ الذي تؤثر عليه تتأثر به أيضاً لأنك تشعر بأهميته كما هو الحال في علاقة الأهل مع أطفالهم وكيفية التأثير المتبادل بينهم.

سؤال: في حين إكتشاف “الأنا” أي  – الأنانية وحب الذات –  في داخلي يجب عليَّ أن أتقبل الأمر على أنه طبيعتي التي ولدت بها ولا أواجهها  وبعد ذلك يجب أن أبحث عن البيئة وأحاول الإرتباط بها. هل أن تقديري في هذا  الأمر صحيح بالنظر إلى الموضوع على هذا النحو؟

عالم الكابالا: إذا أخذت في محاربة طبيعتك فتصرفك هذا سيساهم في تضاخم “الأنا” في داخلك ولن يكن بإمكانك عمل أي شيئ حيالها, فبأي قوة بإمكانك مقاومتها؟ وكيف؟؟  أنا لا أفهم هذا المنطق .. من تعتبر نفسك حتى يكون بإمكانك مقاومتها؟  الأفضل في التعامل مع “الأنا” هو في موازنة الأمور التي تواجهك وتري أيُّ الأمور تستحق القيام بها وأيٌّ منها يستحق الإهمال. لا يوجد لديك طبيعتين فليس لديك حب العطاء وحب الذات كليهما يتصادمان في داخلك, لا, ليس هو الأمر هكذا على الإطلاق لأن كل ما تواجهه نابع من “الأنا – – الإرادة في الأخذ للذات”  والموضوع هنا متعلق في جدارة الأمر في إحتيازه على إهتمامك فكل ما في الأمر بأن تتعامل مع الأنا بفطنة.

سؤال: نحن نرى أن علماء الكابالا يواجهون مشكلة في نشر علم حكمة الكابالا، كيف سيكون بإمكانهم نشر علم الكابالا بهذه الطريقة ؟ ولمن من الناس يريدون إيصال هذه الحكمة؟

عالم الكابالا: هل هو الحال هكذا فعلاً ؟  لا، لا يوجد أي مشكلة في نشر الحكمة. فالحياة ذاتها تصل بالبشرية إلى طريق مسدود وبكل صعوباتها ومتطلباتها تصل بالإنسان إلى اللاشيئ، نحن علماء الكابالا لا نريد للبشر المعاناة من الصعوبات من غير هدف فنحن نُقدّر كل إنسان ونحترم كل إنسان ولهذا نحن ننشر علم الكابالا ليكن في متناول الجميع معلنين مُسبقاً بأن المعاناة ليست شيء مستوجب على الإنسان. وإذا كنا سنعاني فسبب المعاناة هو أننا بعيدين عن هدف الخليقة. فأنا من خلال هذا النوع من المعاناة أريد أن أصل إلى مستوى العطاء وأنا أعاني الآن بسبب إبتعادي عن هذا الهدف. فالشعور بهذا النقص هو ما يولد المعاناة عندي وهذا ما يُدعى بمعاناة المحبة.  نحن لا نستطيع الوصول إلى الهدف من خلال الكوارث والمآسي التي تواجهنا  ولكن ومهما حدث أو مهما صعُب الأمر لديك فيجب عليك أن لا  تترك النور الذي يعمل على إصلاح سماتك الأنانية  أبداّ.

سؤال: أريد أن أسأل عن موضوع ” النيّة وراء سلوك الإنسان”. أنت قلت فيما قبل بأننا رأينا من الأفراد الذين كانوا معنا لمدة طويلة وفجأةً ظهر لنا بأنهم في الواقع كانوا منفصلين عنا في رغبتهم. فكيف بإمكاني التأكد من أنني على الطريق الصحيح ولن أجد نفسي في المستقبل منفصلا ً عن المجموعة؟

عالم الكابالا: لا أدري

الطالب: لا يوجد هناك شروط للإلتزام؟

عالم الكابالا: وهل ستصدقني لو قلت لك ؟ وهل هذا سيساعدك؟

الطالب: أنا أريد منك معلومات لتفادي وقوع هذا الأمر ثانيةّ

 عالم الكابالا: لا يوجد هناك أي شروط أو معلومات. الشيء الوحيد المتوجب هو أن ترتبط مع المجموعة بإحكام وحرص

الطالب: ولكنك قلت بأن كان هناك أناس بدوا وكأنهم مرتبطين مع المجموعة بشكل كامل

عالم الكابالا: نعم ولكنهم لم يستطيعوا التغلب على الصعوبات ولم يعوا بأن الصعوبات التي واجهتهم كانت ذات هدف – ذات هدف معين بالرغم من أنَّ هذه الصعوبات أشارت لهذا بشكل معين. لنأمل أن لا يحدث هذا الأمر مرة أخرى فالآن الإنسانية بأكملها تتقرب من الحقيقة أكثر فأكثر.

سؤال: ما هو المقصود بعبارة  “الإرادة الحرة”؟

عالم الكابالا: معنى الإرادة الحرة هي بأن يصل الإنسان إلى درجة التوازن الشكلي في سماته مع تلك التي للخالق أي في تبنيه من سمات الخالق في نفسه. هذا كل ما هو في الأمر وإن خلافه يعني عدمه.

سؤال: يمر الإنسان في مراحل عدة في حياته فكيف بإمكانه أن يأتي لحضور الدرس اليومي حاملاً في نفسه المتطلبات والتركيز نفسه ليحرز أي تقدم _ أي أن يأتي إلى الدرس بنفس الرغبة يوماً بعد يوم؟

عالم الكابالا: يستطيع الإنسان على هذا الأمر فقط إذا كانت البيئة التي يتواجد فيها تهتم بهذا الأمر ولها الرغبة والهدف نفسه. فإذا كانت البيئة لا تهتم في رفع مستوى وأهمية سمة العطاء المطلق فوق كل شيء إذاً هذه البيئة لا تستطيع مساعدة الإنسان في سعيه للوصول إلى الهدف النهائي. يجب أن تكون البيئة متجهة وتسعى نحو الهدف ويجب على الإنسان أن يعي أهمية البيئة و أن ينظر إلى نفسه وأيضاً من منظور البيئة على أنه جزء منها وكأنه يجد قيمته في الحياة من خلال هذه البيئة التي يتواجد فيها بمعنى أن لا يكون عنده خلال اليوم كله أي من مشرق الشمس إلى مغربها أمر أكثر أهمية من إنشغالي في كيفية الوصول إلى هدف الخليقة  وإحراز سمة العطاء.

سؤال: أريد لو أمكن أن توضح لي نقطة ظهور الحاجز فوق  “الأنا”. أنت تكلمت عن عدة حواجز لدينا مشيراً بتدرجها من الأعلى إلى الأسفل إلى عالمنا هذا والمكان الذي لا نشعر بها هنا.

عالم الكابالا:  نعم من الأعلى من عالم الأبدية منحدراً إلى الأسفل. تابع السؤال

سؤالي هو: ما هي الحاجة عند الخالق لصُنع هذه الحواجز؟ هل السبب هو في إبقائنا منهمكين في العمل الكثير؟

عالم الكابالا: السبب هو، لكي يكون بإمكاننا الحصول على الإستقلالية ولا  نبقى عبيداً.  يُخفي الخالق نفسه وراء ١٢٥ ستار أو درجة حتى يكون بإمكاننا الشعور في أننا مستقلين بذاتنا ونستطيع التقدم من تلقاء أنفسنا لننمو روحياً وحتى نكتشفه.  فعندما نصل إلى مرحلة إحساسنا بوجوده  لا ينتهك هذا الإحساس حرمة التوازن في إستقلاليتنا عنه، لأننا ننمو تماشياً وبالتوازي مع سماته التي يتحلى بها من محبة كاملة. فالخالق لا يقف في طريقي عندما يُظهرُ نفسه لي لأن في تقدمي ونموي الروحي أنا أرى نفسي متوازناً معه في السمات بمعنى أن أنمو من خلال  تبني سماته الحسنة والحميدة في نفسي— وخلق الرب أدم على صورته- بمعنى أن أدم كان يتحلى بسمات الخالق الكاملة لذلك قيل أنه خلق على صورة الخالق.

سؤال: يقول علماء الكابالا بأن هناك صلة ترابط بين الخالق والبشر ولكن كيف يكون هذا ممكناً؟

عالم الكابالا: بالنسبة لي أنا وبأخذ بعين الإعتبارإرادتي أنا أي – الأنا – عندي، فالخالق والآخرين من البشر موجودين على نفس درجة البعد مني أنا، لماذا؟ لأن الخالق والذي هو مثال العطاء الكامل والمطلق، والآخرين والذين هم على نفس الدرجة في الكراهية لصفة العطاء المطلق بسبب طبيعتنا الأنانية. لهذا السبب  أنا أنظر إلى كليهما من منظور واحد رافضاً كليهما معاً. فبالرغم من إختلاف نوعية الدرجة فإذا لم أتمكن من إدراك هذا الأمر في أن الخالق والآخرين بالنسبة لي ليسوا على نفس الدرجة إذاً أنا لست أسعى بالإتجاه الصحيح. كما هو الحال لو كنت تسدد رميتك نحو هدف ما يجب عليك أن تجعل عينك على الهدف وتسدد بشكل مستقيم هكذا الأمر هنا أيضاً.

 سؤال: نحن ندرس أن النفس البشرية والتي تدعى ” أدم” تُبنى في داخل الإنسان بمساعدة المجموعة أي بواسطة النور الإلهي من خلال المجموعة وكأن المجموعة تكون بمثابة الجسد والنور هو الحياة لهذا الجسد. وهذا ما هو المقصود بالقول “العيش بسمة العطاء المطلق”. كيف يكون هذا ممكنًا؟

عالم الكابالا: لأن إختيار البيئة “المجموعة” وقدرة الإنسان على الإندماج مع هذه البيئة يُعتبر جُهدًا وعملاً ذو سمة العطاء المطلق من قبل الإنسان. ما معني التحلي بسمة العطاء؟ المقصود بالتحلي بسمة العطاء أي إرتقاء الإنسان فوق طبيعة الجسد البهيمية والذي هو بحد ذاته عمل معاكس لطبيعته البشرية أي معاكس “للأنا” فيه. الأنا هي المادة أو المسألة التي تكون منها الإنسان وهي ما نطلق عليها في علم حكمة الكابالا ” الإرادة في الأخذ للذات” أو حب الذات. ولا يوجد إلا ّ نصيحة واحدة للوصول إلى مستوى العطاء المطلق وهذا شيء أريدكم أن تعرفوه وتختاروه وتقتنعوا به. النصيحة الوحيدة هي محبة الآخرين.

سؤال: ما هو النور المحيط بالإناء الروحي؟

عالم الكابالا: إذا كنت أنا أرغب النور ومنجذب له بإطار شروط  الحصر الأول ” التسومسوم ألف”  من خلال قانون العطاء المطلق، وبما أن النور المحيط هو من نور الخالق الذي يحمل في طياته سمة العطاء والحب فإذا كنت أنا منجذباً نحو هذا النورعلى هذا الأساس سيضيء بنوره عليّ أما إذا كنت منجذباً نحوه من أجل الأخذ لإشباع الذات سيُشّع عليّ بالظلمة التي فيه.

فإن كل شيء يعتمد على رغبتي أنا لأن النور في حالة إستقرار دائم وأنا متواجد فيه ولهذا أن كل شيء يعتمد على النية لديّ، فإذا كان لديّ ميول أكثر إلى الأخذ للإكتفاء الذاتي فإن كيفية عطاء النور ستكون محدودة حسب إطار ميولي ونيتي في الحصول عليه. وهكذا إذا كانت لديّ ميول نحو العطاء  فإن تفاعل النور سيكون بحسب رغبتي وهذا ما يُقال عنه: جُعل النور نصيب للحياة أو نصيب للموت.

فالنور لا يعمل من تلقاء نفسه إذ أنه قانون وعمله قائم على تفاعله على المادة،  ونحن لا نعي أو نفهم أنه يعمل وكأنه  قانون ذو أحكام محددة وثابتة وأن كل شيء يعتمد عليّ أنا الإنسان ولذلك يجب عليّ أن أحافظ على إدراكي للأمور وأن أتفحص نواياي بدقة في كيفية تأثيري على النور،  فالنتيجة هي واحد من هذين الخيارين:  إما أن يكون النور لي بمثابة سيف قاطع يستطيع إماتتي أو أن يكون هذا النور نفسه بمثابة الهواء الذي يُنعش الحياة فيّ وأنا بإستطاعتي إدارته في أي جهة وفي أي لحظة. ولكن إعتقادنا بأن هناك أمور تحدث بواسطة النور بمفرده فهذا الأمر ليس بصحيح. 

سؤال: من أحد طلابنا من مدينة لوثوينيا يسأل قائلاً: ماذا أفعل عندما لا تكون لدي الرغبة في التصحيح؟

عالم الكابالا: هذا الشعور طبيعي ولا داعي للقلق والخوف منه.  طبعاً نحن لا نرغب بالتصحيح في طبيعتنا. فهذا موضوع كبير جداً بحد ذاته وبعيد الأبعاد وعميق حتى نصل إلى إدراك أمره ومعرفة ضرورته لنمونا الروحي، والواقع في أنك  تشعر به لكي تسأل عنه أمر جيد. فالسؤال بصيغته الصحيحة يجب أن يكون كالتالي: ما هو السبب الذي يؤدي به إلى الشعور باليأس عندما يشعر بأنه يفقد الإحساس بالأنا فيه ؟

في الحقيقة يجب عليك أن تفرح بظهور هذا الشعور. وكما قال صاحب السلم: “يجب أن نفرح عند ظهور الشر فينا”.  كما تدخل الصورة إلى القرنية في العين في شكلها المعاكس للواقع التي توجد فيه هكذا أيضاً أنت في الوقت الحالي ترى كل شيء بالصورة المعاكسة لحقيقة واقعه الأصلية . فنحن لا نُدرك أن إكتشاف ضعفاتنا هو نعمة كبيرة من فوق وبالتالي هي فرصة لنصبو ونتمسك بالدرجة التالية، إنه أمرٌ جيدٌ عندما تكتشف ضعفك وتدرك أنك عاجز عن الوصول لأي شيء بقدرتك أنت، من هذه النقطة فقط  سيكون من الواضح لك ضرورة فهم عمل النظام الذي يقربك من الخالق.

سؤال: عندما يأتي التلاميذ المبتدئين للدراسة لا يكن لديهم قدرة لإستعاب المواضيع بعمق، ففي البداية يودون معرفة كل شيء عن عالم الكابالا. من هو؟ وفي أي زمان عاش؟ ومن هم أولاده وما أسمائهم؟ وكل ما يدور بحياته ويتعلق به. يعني الأشياء التي بإمكانهم إدراكها وفهمها. ولكن عندما يأخذون بالتقدم في الدراسة بعمق يقل تركيزهم ويضمحل إنتباههم للظواهر الخارجية، فالتركيز يأخذ مجرى آخر إذ يتوجه نحو الأمور الأساسية في تعلم بنية النفس ونظام العالم الروحي وإذا ما كان بإمكانهم إحرازه أم لا. ما هو تفسيرك لهذا التحويل؟

عالم الكابالا: علماء الكابالا أناس عاديون ولكنهم يعيشون بكيانهم الروحي فوق إطار الزمن. لنقل لو كنت قد تقابلت مع شخص ما من العصور القديمة أي من حوالي ألفي أو ثلاثة آلآف سنة مضت سترى أنه من الصعب التحادث معه لعدم وجود العوامل المشتركة في الفهم والإدراك بينكما وذلك بسبب إختلاف مستوى التفكير مستوى تطور المجتمع الذي يعيش فسه كل منكما.

ولكن الأمر هنا مختلف تماماً لأن علماء الكابالا كائنين في هذا العالم ولكنهم يعيشون بكيانهم الروحي فوق إطار وحدود الزمن إذ أنهم مرتبطون بالواقع الروحي للوجود، لذلك يكون من الأفضل لنا إذا فصلنا أنفسنا عن تأثير محيطنا المادي علينا . فعالم الكابالا هو الوعاء الذي من خلاله تظهر سمات الخالق للعيان وهذا ما أنا محتاج إلى أن أتعلمه من عالم الكابالا,,, المنهج والطريقة ,,,, هذا كل ما في الأمر لنقل ها هنا المعلم أمامك لماذا تهتم بطوله ووزنه ولون عينيه. الذي يجب عليك أن تركز إهتمامك وإنتباهك عليه هو نوعية الوعاء الروحي الذي أمامك، والذي من خلاله تستطيع أن ترى سمات الخالق من خلاله  وكيف تستطيع أن تجني الفائدة منه لترتبط بالعالم الروحي من خلاله . هذا ما تحتاج إليه وبإمكانك أن تحصل عليه بشكل تدريجي.

سؤال: أود أن أسال عن سمات أو هيئة ” خشمال ولفوش ”  فإن الحماية التي يتلقاها زون ” وهي مرحلة الإجتماع التي تتواجد فيها السفيرا ملخوت وتيفيرت معاً “. نحن نرى أن السفيرا بينا تشبه النسر في إعتنائها وحمايتها لصغارها، ففي الطبيعة عندما تبغى النسر الأم في حمل صغارها إلى مكان آمن فهي تحملهم على ظهرها  ولا تمسك بهم بقدميها عندما تطير بهم من مكان إلى آخر. لماذا؟

عالم الكابالا: يفسّر حكماء علم الكابالا هذه الظاهرة كما يلي إن الأم النسر تحمل صغارها على ظهرها حين تطير لتفادي وقعوع أي سؤ بهم، هكذا هي تحمي صغارها من أي خطر من الممكن أن يلحق بهم. والسفيرا بينا والتي هي بمثابة الأم تدرك إذا ثارت نزعات الشر والغرور للأنا من الأسفل فلن تؤذيها أو تُلحق بها أي ضرر بسبب الحاجز “المساخ”  التي يحميها من سهام النزعات الأنا الأنانية وبالتالي تستطيع حماية صغارها “نحن” على منكبيها من نزعات  وقوات الشر والموت.

سؤال: نرى أن كل شيء ثابت وقائم في مكانه الصحيح في نظام الكون والعالم الذي نعيش فيه وكل شخص مرتبط ومندمج مع الكل وكأننا مخلوق واحد. فأنا لا أشعر بأي نقص مقارنة بالآخرين بسبب إرتباطنا جميعنا بعضنا ببعض.  ولكن لا أحد منا يعلم الفارق بين الميزات التي يتلقها الواحد منا دون الآخر ولماذا هذا الشخص يتحلى بصفات وميزات معينة ليس بقدرة شخص آخر الحصول عليها. ففي هذا الحال إذا كنت أنا أشعر بالغيرة تجاه الآخرين بسبب هذا الفارق  هل أن هذا أمر جيد إذ أنه يعني أنني قد أُعطيت الإحساس بالفارق بيني وبين الآخرين لهدف أن يتولد لدي الدافع لأجتهد في العمل من خلال الصفات التي أعطيت لي من الخالق. لماذا؟

عالم الكابالا:  السمات التي أُعطيت لك من الخالق هي لهدف مساعدة الآخرين على الإرتباط معاً من خلال هذه الصفات التي تتحلى بها أنت في هذه المجموعة الواحدة.

سؤال: لقد كتب صاحب السلم هنا قائلاً: “أنه من المستحيل على الإنسان أن يُرضي خالقه من دون إستخدام الوسائل الموجودة في العالم كالكتب مثلا. هل يمكنك تفسير الموضوع؟

عالم الكابالا: إستخدام الوسائل المتوفرة لدينا وخاصة في هذا الجيل لا يعني أنه يجب عليّ دراسة كل الكتب وحفظ مقدمة حكمة علم الكابالا لصاحب السلم بكاملها ليُضيء النور الإلهي عليّ  من خلال نظام العوالم الشامل. لا، فالأمر ليس بذلك، فالنورعلاج للرغبة الأنانية فينا،  وهو بمثابة علاج فريد النوعية بفعاليته وتاثيره على كل إنسان.

نظام العوالم هو نظام محكم بدقة وثابت. وهو نظام يحدد صيغة النور في كميته وطريقة تعامله وطريقة تأثيره على رغبتي وطبيعتي أي على الأنا فيّ  لينميها خطوة بخطوة. في أي حال أنا لا أدرك كيفية عمل هذا النظام فنحن نتعلم من علماء الكابالا الذين يُخبرونا عن النور الذي يأتينا من العالم الأعلى لماذا ؟ حتى أتمكن من تكوين فكرة عن ماهية النور الإلهي في عقلى حتى تكون لدي الرغبة لهذا النور الأبدي الآتي إليّ من مستوى الكمال الذي أصبو إليه بالرغم من وجودي في هذا العالم وفي عدم الكمال الذي أنا فيه وإحتواذي على الرغبة في الإرتقاء إلى مستوى الكمال هذا.

هدف معرفة نظام العوالم هو أن تحرز هذه العوالم،  وأن تأتي إلى إدراك ومعرفة الواقع بكامله والذي يتضمن العالم الروحي مع عالمنا المادي.

سؤال: لماذا بدأنا الآن فقط ومنذ شهرين تقريباً بدراسة كتاب الزوهار بتركيز وبشكل أعمق؟

عالم الكابالا: الحق معك وأنت صادق في شكواك هذه. بإمكانك إلقاء اللوم عليّ أنا . فأنا لم أعلم أن هذا الأمر مهم جداً لكم جميعاً. ولكن أرجو تصديقي عندما أقول لك بأنني حاولت من قبل ولكنني لم أستطع. وحتى هذه اللحظة ها أنا جالسٌ هنا أمامك ولا أزال أخفي الكثير عنك،  ولكن عندما يحين الأوان ليُعلن سيُعلن. فكل شيء له وقته وزمانه المعيّن ليظهر للعيان. فمن أكثر المشاكل التي من الممكن مواجهتها هي عندما يستحوذ الناس على المعرفة من دون الوعي الذي يمكنهم من تقدير أهميتها وإستيعابها. ومع ذلك، إذا وصلتم معاً لدرجة الوعي والنضوج حيث تستطيع إدراك وفهم هذه المعرفة عندها سيكون بإمكان العالم بأجمعه الإتحاد معكم على نفس المستوى من المعرفة.

سؤال:  في أثناء الشرح أحياناً لاحظت بأنك تستخدم كلمة الرغبة وأحياناً أخرى تشتخدم كلمات على مستوى التعبير عن الحب، فما هو المفهوم الصحيح الذي يتوجب علينا أن نستخلصه عند سماع مثل هذه الكلمات والمصطلحات؟

عالم الكابالا: هذا سؤال حادٌ وذكي . نحن نُشير إلى الخالق على أنه قوة الحب والعطاء المطلق والكامل،  والانسان الذي يفتقد إلى صفات هذه القوة في بنيته الداخلية وانا أعني أنه لا يملك القدرة على المحبة والعطاء بلا مقابل تجاه الاخرين من المحيطين به، فهذا الانسان يُعاني من نقص كبيركما أشرت منذ لحظة وقلت أن الخالق هو الارادة او القوة والتي ندعوها محبة وعطاء كامل أي أنه لا يوجد في إرادة العطاء هذه أي نوع من النقص أبداً.  وعلى أي شكل أو حال من الأحواك  إن كلمة النقص التي ذكرتها هنا تُشير إلى – نقص من دون نقص – لأن النقص هنا إنما هو نقص إلى درجة الكمال في جوهرنا نحن. أي أنّ “الأنا” التي فينا أي الرغبة في التقبُل خُلقت بكل الآليات التي تُأهلها لتتلقى كل عطايا الخالق وبركاته التي في إرادته ان يُغدقها علينا. فجوهر عملنا أن نتبنّى من سمات الخالق من المحبة الكاملة  والعطاء بدون حدود لتكن فينا ونتحلى بها ولا نتمسك بالأشياء التي ننالها منه بشكل أناني.  الكمال هو سمة الخالق، فهو الأول وهو الآخر،  وعندما يتحلى الإنسان بسمات الخالق في جوهره عندها  سيشعر بكمال الخالق في داخله أي في نفسه وعندما نرتقي نحن فوق مستوى الأنانية وحب الذات الذي فينا عندها فقط سنفهم وندرك معنى كون الإنسان كائن مُستقل وحرّ.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*