www.hikmatelzohar.com-69

النفس البشرية

قواعد نظام عمل العالم الروحي

يُقال أن البشرية كلها مرتبطة معاً وكأنها إنسان واحد مثل نظام الخلايا في الجسد كل خلية تهتم بالخلايا الأخرى لتبقي الجسد على قيد الحياة. من بنى هذا النظام؟ ما هو العالم الروحي؟ ولماذا محبة الآخرين هي القانون الذي يسير النظام بحسبه؟

يعلمنا علم حكمة الكابالا بأن النفس البشرية هي- الإردة في الآخذ والتقبل – والتي خلقها الخالق كجزء منه، جزء واحد ومتكامل، ولكي يتمكن الخالق من إعطاء هذه النفس إستقلاليتها وحرية الذات لذلك توجب إبعادها عنه لتكون مخلوق مستقل بذاته. وبما أنَّ هذه النفس أو هذه الرغبة هي واحدة ومتكاملة توّجب تجزيئها إلى أجزاءٍ كثيرة لتحصل على حريتها وهذه هي مرحلة التحطيم التي مرّت بها النفس. قبل مرحلة التحطيم كانت هذه النفس واحدة بسبب نور الخالق الذي كان فيها والذي جعلها متماسكة معاً بكل أجزائها وهنا حدثٌ مهم أخذ مجراه إذ مرت النفس بمرحلة “تبعثر أو تحطم هذا الوعاء الروحي” أي النفس، وهنا غادرها النور ولذلك أخذت هذه النفس تشعر بأنها مقسمة إلى أجزاءٍ عدة وأخذت هذه الأجزاء تبتعد بعضها عن البعض والنور الذي غادرها فارقها على مراحل وهذه هي مرحلة أو درجة مميزة جداً وتدعى “أدام كادمون” وإن مرحلة التحطيم تدعى مرحلة أو درجة “عالم أتسيلوت” ومن خلال العوالم “بريا – يتزيرا – أسيا” هنا مرحلة إنحدار النفس البشرية من خلال ٦٠٠٠ مرتبة أو مرحلة والتي هي ٦٠٠٠ سنة منذ خلق الخالق آدم، وجميع هذه الأجزاء سقطت إلى حالة كانت فيها متفرقة ومنقسمة بعضها عن البعض لدرجة أنه أخذ كل جزء يشعر بأنه مستقل بحد ذاته وهذه هي المرحلة الثالثة والتي تدعى “هذا العالم” وهنا في هذه المرحلة نُوجد نحن.

ومن هذه المرحلة  أخذنا بالنمو والتطور عبر التاريخ ونمت الأنانية فينا أكثر فأكثر حتى وصلنا إلى مرحلة فيها نشعر بالمعاناة الكثيرة. لماذا نحن نشعر بالمعاناة؟ المعاناة هي بسبب أن النور الذي كان فينا والذي غادرنا هو الآن موجود خارجنا والذي يؤثر علينا من بعيد والذي يدعى “آور مكيف أي النور المحيط”, ومع نمو الأنانية فينا هذا يُرينا  كم أنّ سماتنا متناقضة مع سمات الخالق. في هذه المرحلة نمت الأنانية أكثر وأكثر وبدأنا نشعر ببعدنا أكثر عن بعضنا البعض. في الحقيقة لا يوجد أي إختلاف بين هذه المراحل إلا في أسلوب إدراكنا وإحساسنا بها. والبعد الذي بيننا هو بسبب عدم وجود النور الذي كان يربطنا معاً, وإن إحساسنا بالبعد بيننا وبين النور وهو الذي يولد المعاناة التي نشعر بها. البعض يشعر بهذه المعاناة على الصعيد الشخصي ويبدأون في البحث عن النور وهذه الرغبة التي تتولد لديهم في البحث عن النور هي ما تدعى “بالنقطة في القلب”  وهي التي تتوق إلى النور ومن خلالها ينمو الإنسان ويتقدم نحو النور وهذا هو  التقدم الشخصي. وهناك الكثيرون اللذين لا يشعرون بالحاجة الضرورية للنور وهم يشكلون الأغلبية من البشرية واللذين ينمون بطريقة سلبية أي عن طريق المعاناة التي تدفعهم نحو النور وبالنتيجة يأخذون بالبحث عن طرق لتفادي المعاناة، وبالتالي هم أيضاً يصلون إلى نفس الدرجة التي يصلوها هؤلاء الأفراد الذين سعوا بأنفسهم نحو النور وهنا يرتبط الجميع معاً، وفي هذه المرحلة يبدأ الجميع يشعرون بالقرب الواحد من الآخر. ولكن نحن الأفراد الذين نسعى نحو العالم الروحي نشعر بالمعاناة على هذا المستوى وأما هؤلاء فهم لا يشعرون بهدفهم ومعنى وجودهم هنا في هذا العالم وذلك بسبب فقدانهم لحرية الإختيار وبالتالي يتوجب علينا أن نشرح لهم بأن المعاناة التي يشعرون بها هي في الواقع دعوة وفرصة للبشرية بأن ترتقي إلى نوع آخر من الوجود، ومن هذا المكان نحن سنعود إلى المكان الذي إنحدرنا منه منذ البداية وزماننا هذا هو الوقت المناسب لإحراز هذا التقدم.

هنا علينا أن نعمل على نمونا الشخصي وأيضاً على إعانة البشرية بأكملها، هذه المرحلة الرابعة وهي مرحلة جميع البشرية. المرحلة الخامسة المكان الذي يتوجب علينا الإرتباط بهم والتقدم معاً. وطبعاً لعدم وجود المعرفة لديهم للوصول إلى الهدف لهذا الغرض نحن موجودين هنا إذ يجب علينا بأن نكون الجزء الذي يتقدم ويقود الجميع،  كلنا نتقدم معاً، هنا أبناء باروخ وهنا باقي العالم. ولكن حتى نتمكن من هذا نحن بحاجة أولاً  إلى أن نراعي مدى تقدمنا نحن. لماذا أنا أتكلم بشكل محدد هنا؟ لأنه لو لم يكن من المتطلب منا تصحيح العالم وتوجيهه في الطريق نحو العالم الروحي لما كان بإستطاعتنا الوصول إلى درجة فيها نطلب السعي نحو العالم الروحي من البداية. ولهذا السبب لا نستطيع بأن نسعى بأنفسنا فقط  نحو العالم الروحي لأننا لن ننجح في سعينا هذا ولكن إذا فكرنا في البشرية بأسرها والعالم بأكمله لنجلبهم إلى مرحلة الإرتباط معاً  كنفس واحدة  كما كان الحال في المرحلة الأولى فإنه بعملنا هذا نحن نحصل على الرغبة للعالم الروحي لأنفسنا.  يجب أن تكون هذه نيتنا منذ البداية. هكذا سنصل إلى هدفنا في كيفية تقدمنا بشكل صحيح  وأن نوصّل للعالم ونشرح له دوره في هذا الأمر كله.

إن قانون العمل هوفي أنه يوجد هناك قوة واحدة في العالم وتدعى النور أو الخالق وهو الذي يسود على الجميع وهو قوة العطاء المطلق. هو الذي يحدد مجرى كل أمر وينفذ كل عمل ويمكننا نحن بأن نتدخل في هذا بشرط واحد فقط أننا نرغب ونريد أن نتقدم بشكل أسرع في نمونا وسعينا نحو الهدف فإنه بعدم وجود هذه الرغبة لدينا يسعى الخالق بتنفيذ خططه بالخطوات اللازمة لإيصالنا إلى الهدف بالرغم عنا في هذه الحالة إذ يدفعنا إلى الأمام مستخدماً الطريقة السلبية في النمو والتقدم التي أشرنا إليها في البداية والتي تتبعها الأغلبية للوصول إلى الهدف. إن عملنا هو في طلب التقدم والسعي نحو العالم الروحي برغبة إيجابية وذلك أفضل من أن ندعى الطبيعة بقوتها الخارقة تدفعنا نحو الهدف بطريقة سلبية. فما الذي يجب علينا عمله هنا؟ يجب علينا بأن ندرك بأننا نواجه قوة واحدة فقط هذه القوة هي التي تؤثر علينا وعملنا هو في تحريض هذه القوة في أن تعمل على إدارتنا وبأن تقودنا بشكل كامل كما الطفل الصغير الذي يمسك بيد أمه ولكنه هو الذي يشدها ساحباً إياها إلى الأمام إلى المكان الذي يرغب أن يذهب إليه ولكن إذا كان الأمر الذي يرغب في الحصول عليه غير جيد فهذا طبعاً لن يساعده في الحصول على ما يرغب به. إذاً يجب علينا بأن نكون دائماً في إطار الفكر في أنه يجب علينا أن نكون قادرين على تحديد هذه القوة, وهذه القوة هي “ليس هناك أحد سواه” والذي هو القوة الوحيدة القادرة على عمل أي شيء.

كيف يتصرف الخالق  وفي إي إتجاه يعمل؟ عندما أدرس وأتعلم طرقه لهذا السبب أنا أسئله بأن يظهر نفسه لكي يكون من الواضح لي ما يفعله وعندما  أعلم كل هذا أستطيع أن أسأل منه أن يعجل في مرحلة إيصالي إلى الهدف في حين أنا الذي أشده  ساحباً إياه إلى حيث أريد الذهاب بسرعة أكثر من التي يمشي هو بها كالطفل الذي تقوده والدته بيده ساحباً إياها إلى حيث يريد أن يذهب بسرعة. فإلى أين يريد هو أن يصل بي؟ يريد هو أن يوصلني إلى مرحلة أكون متماثلاً معه في سماته من محبة وعطاء مطلق، إذا يتوجب عليّ أن أكون راغباً في التماثل بسماته من محبة وعطاء مطلق وبرغبة أعمق من التي تلقيتها منه في البداية  ولكن من أين أحصل على القوة لهذه الرغبة في المحبة والعطاء ومحبة الآخرين فهذه القوة غير موجدة فيّ ولا هي من طبيعتي إذ أن كل هذه السمات هي سماته وليست سماتي أنا؟ أستطيع الحصول على هذه القوة  من البيئة المحيطة بي أي من الأصدقاء, هم اللذين يكونون قادرين على تزويدي بهذه الرغبة وبهذه القوة التي لا أمتلكها من تلقاء نفسي لآنني أنا هنا بمفردي وكل ما حصلت عليه منه هو “نقطة في القلب”  أي حصلت على رغبة صغيرة جداً للعالم الروحي الذي لا أعيه أنا ولا أعرفه, وفي إيقاظ هذه الرغبة فيّ أي في أنني أرغب شيئاً لا أعيه أو أدركه, نرى هؤلاء اللذين يأتون إلينا لأول مرة قائلين بأنهم يبحثون عن شيء ما, لا يعرفون أو يدركون الذي يبحثون عنه ولكن هم يبحثون عن شيء ما كالطفل في متجر الألعاب وكل ما تسمعه يقول أنا أريد هذا وذاك والآخر … ولكن أين هي رغبتي الحقيقية للعالم الروحي أين هي بالتحديد؟ يجب أن أحصل عليها من الأصدقاء أي البيئة التي احيط نفسي بها أي المكان الموجود خارج نفسي أنا, وعندما أتواجد في البيئة الصحيحة لأحصل على تأثيرها عليّ  البيئة تزودني بهذه الرغبة نحو النور والعالم الروحي. إذاً أنا أتواجد في مجموعة من الذين يسعون نحو الهدف نفسه الذي أسعى أنا إليه وهذه المجموعة تأخذ بالتأثير عليّ وعلى مجرى تفكيري بتوجهي نحو الرغبة في العطاء وفي محبة الآخرين وفي أهمية وعظمة الخالق والعالم الروحي وكل ما أريده أنا بدوري أعطيه للمجموعة أيضاً، كل واحد منا يستطيع القيام بهذا لأن كل منا يرغب بتعليم الآخرين بأن يكونوا أناساً جيدين, هل أنا على صواب أم لا؟  فكل واحد يرغب في تشجيع الآخر وأن يقول لهو يجب عليك بأن تكون جيد ويقول للآخرين بأنه هو على أحسن حال ولكن يجب على المجموعة بأن تؤثر عليّ في المقابل أيضاً وبطرق أخرى في أن تثير إعجابي لتؤثر على تفكيري من ناحية أهمية إمتلاك الرغبة في محبة الآخرين أي التواجد في الرغبة في الإرتباط كما في نفس واحدة كما كان الحال قبل مرحلة تحطم النفس البشرية وكأننا إنسان واحد وقلب واحد في “أرڤوت”. إذا كانت المجموعة قادرة على التأثير عليّ إذاً أنا سأحصل على هذه الإيجابية وبالتالي أحرز التقدم نحو العالم الروحي برغبة وأنا بدوري يجب أن أحث المجموعة على الإرتباط معاً  كما كان الوضع  في المرحلة الأولى من نقطة البداية التي إنحدرنا منها ونحن جميعنا معاً في رباط المحبة المشتركة لنوصل جميع الأجزاء المتفرقة معاً  ونجمع “النقاط في القلب” المتفرقة معاً. في محاولتنا في الإرتباط معاً،  سوياً نتوجه نحو النور وهذا ما يدعى بصلاة الكثيرين فإن صلاة الفرد الوحيد بمفردها لا تساعد في شيء ، فقط صلاة المجموعة معاً فعندما نرفع طلبتنا معاً فالنور يقبل هذه الطلبة لأن الجميع في وحدوية. فنحن نرغب من النور بأن يجمعنا معاً في رباط المحبة, فإلى المدى الذي أعد فيه إرادتي نحو هذه الرغبة فإلى القدر نفسه أستطيع أن أجذب النور إلىّ والنور هو الذي يربطنا معاً. وعندما يكون النور هو الرابط بيننا فهو يبقى دائماً معنا. كما الحال لو كنت أقف تحت مصباح يتأوج بالنور فلطالما أنا في مجال النور فالنور يضيء لي ولكن إذا خرجت من مجال النور فالنور لا يعود ينير لي. إذاً فكل شيء يعتمد علينا نحن وكلنا هنا معاً في حرية الإختيار. نريد أن نتقدم نحو العالم الروحي وإذا كنت ترغب في الإرتباط معنا هكذا تصل إلى النور وإذا لم تكن ترغب في الإرتباط مع الجميع فأنت إذا خارج حدود ومجال النور هذا كل ما في الأمر.

إذا نحن في حرية الإختيار لدينا القدرة على الإرتباط معا وفي التقدم معا ولكن يجب أيضاً أن يكون هناك نيّة أخرى وهي بأننا نرغب في هذا الإرتباط  ليس لأنفسنا فحسب بل من أجل جميع نفوس البشرية فنحن هنا كلنا معا في هذه الحقبة الجديدة والجميع بحاجة إلى هذا النوع من الترابط فإنه لسبب عدم الإرتباط بيننا نحن نشعر بالأزمة وبالمعاناة لذلك على عاتقنا مسؤولية كبيرة في توعيت البشرية على ضرورة الإرتباط معا حتى لو أننا لن ننجح في محاولتنا هذه في جمع البشرية معا وبالطبع لن ننجح في هذا لأننا كلنا أنانين ولكن في تواجد هذه الرغبة لدينا وفي محاولتنا هذه هي ستشكل الدافع التي يدفعنا نحن النور والذي بدوره سيؤثر علينا وعندها النور هو الذي سيجمعنا ويكون الرابط بيننا وهكذا سنصل إلى المرحلة الخامسة  وبشرط الوصول إلى هذه المرحلة بعدها وفي المرحلة السادسة أي المكان الذي فيه تجتمع البشرية معا سنتقدم معا ونصل إلى مرحلة نهاية التصحيح.

يجب على الشخص أن يجعل كل هذا في قلبه بعدما أن يفكر ويحلل كل هذا الأمر في ذهنه كما لو أنه يرغب في الحصول على بيت، فهو يخطط في تفكيره  حجم هذا البيت وغرفه وفرشه وبعدما أضع مخطط هذا البيت كما أريده أنا، أنا أحافظ على هذه الصورة في ذهني وفي قلبي لتبقى الهدف لما أريد الوصول إليه حتى لو نسيت بعض التفاصيل ولكن دائما تبقى لدي هذه الصورة التي تعبر عنما أريده وأرغب به. هكذا الأمر من ناحية ما نريده نحن معاً في المرحلة النهائية لتكن البشرية كلها مرتبطة معا وكأنها إنسان واحد في رباط المحبة مثل الخلايا في الجسد كل خلية تهتم بالخلايا الأخرى وبالنتيجة يكون الجسد صحيحاً وبصحة جيدة والحياة تتدفق فيه هكذا نكون نحن أيضا ولكن اليوم نحن في خلاف هذا إذ كلنا متفرقين ومتبعثرين ومن دون حياة تجري فينا ولا النور موجود بيننا.

ثانيةَ نحن كلنا معكم تلقينا الرغبة نحو العالم الروحي من الأعلى من النور المحيط، والعالم بكامله يتلقى هذه الرغبة أيضاً من النور المحيط ولكن عن طريق الأزمة الحاصلة. بالنسبة لنا فإنه على قدر سعينا نحو النور جهودنا سنكون الوسيلة في توصيل النور إلى البشرية وفي الحصول على المكافأة في إحرازنا العالم الروحي وتحقيق هدفنا. فقد كتب صاحب السلم قائلاً: إما أن يسعى الإنسان في إحراز العالم الروحي بنفسه  أو أن يساعد الآخرين في إحراز هدف الخليقة وفي كلا الحالتين يُكافأ على عمله هذا بإحرازه العالم الروحي. الذي يساعدنا على التطور بشكل مفيد هو أن نحافظ على تركيز النوايا نحو الهدف في ضمن المجموعة في أننا مرتبطين معا بالنور بيننا فالخالق نفسه هو الذي إختار أعضاء هذه المجموعة إذ هم مميزين عن باقي البشرية وإلى الدرجة التي نشعر بها في أهمية هذه المجموعة سنشعر بالسعادة والقوة للسعي نحو الهدف. هذا ما يجب علينا أن نعمل من أجله ولا ننسى أن تحويل هذا الأمر ليكون “عادة” لدينا من ناحية البحث ودراسة الكتب وفي متابعة الدروس والإجتماع مع الأصحاب ونشر علم الحكمة وليكون هذا أسلوب الحياة لدينا.

مبدأ آخر مهم جداً وهو السؤال: متى يكون لدي حرية الإختيار؟ يكون لدي حرية الإخيتار عندما أصل إلى مرحلة أكون فيها متحدا مع الآخرين ولدي النية في الإرتباط مع النور من خلال هذا الإرتباط وتماشياً مع قانون التماثل في السمات، فإذا كنا متحدين معا والنور واحد, معاً  يكون النور قادراً على التأثير علينا ونستطيع بالتالي إكتشافه ويجب علينا أن نحافظ على هذا المبدأ. وعلى خلاف هذا المبدأ فإذا لم أكن أسعى  نحو الهدف في الوحدوية مع البشرية فأنا إذاً سأسقط في الإتجاه المعكس

وهذا هو الفرق بين المسار الروحي والمسار العالمي.

في كل هذا نحن تكلمنا عن ما هو لصالحنا ولكن كل هذا ليس بالروحية وغير متعلق بالعالم الروحي. الروحية هي في كيفية إرتقائنا فوق صالحنا ومنفعتنا الشخصية أي في أن نحرز كل ما تكلمنا عنه لغرض أن نرتقي فوق حب الذات لدينا وهذا شيء لا يعيه الكثيرين, وأيضا  من الذي يرغب هذا النوع من العمل؟  إذا العمل لغرض إرتقاء الإنسان فوق سمة حب الذات لديه هذا ما يدعى “ليشما”. بمعنى أني لست مهتم بجني  أي نوع من الفائدة بل المهم عندي فقط هو إظهار سمة العطاء المطلق نحو الآخرين متمثل بمثال الأم في علاقتها بإبنها فإذا كان إبنها بحاجة إلى أي شيء فهي لا تهتم في نفسها على الإطلاق في عمل وجلب ما يبغاه ولدها بل المهم عندها هو أن يكون طفلها سعيداً ومكتفياً وهذا الشعور صادر من حبها الطبيعي تجاه طفلها حتى بأنها مستعدة بأن تضحي بحياتها من أجل طفلها إذ همها الوحيد بأن يكون إبنها سعيداً بالرغم من أن الطفل لا يعي أي من هذا كله. هكذا يجب  أن يتواجد عندنا هذا النوع من السلوك نحو الجميع، هذا السلوك يولده النور فينا إذا كان لدينا الرغبة الحقيقية في الإرتقاء فوق مستوى الأنانية وحب الذات لدينا. هذا ما يدعى بالروحية. وكل ما هو بخلاف هذا السلوك ليس له أي علاقة بالعالم الروحي فالكثير من اللذين يجتمعون معاً في عصابات أو حتى على مستوى آخر كالمجموعات السياسية أو الإجتماعية أو الأخرى ذات الميزات الأنانية في هدفها ولكن لسنا نحن هكذا بل يجب علينا أن نرتبط معاً في سمة المحبة والعطاء المطلق من دون أي منفعة شخصية.

وفي تواجدنا في هذه المراحل يجب علينا أن ندرك بأن “الأنا” في  كل فرد منا تتضمن على  ٦١٣ رغبة. يوجد هناك ٦١٣ رغبة روحية و ٦ رغبات عالمية. الرغبات العالمية هي رغبات “للطعام والجنس والعائلة والغنى والشهرة  والمعرفة” ولكن عندما نبدأ بالإتجاه نحو العالم الروحي وفي الإرتباط مع الآخرين أبدأ بالشعور  بالمقاومة والمعاندة  وهنا تظهر في داخلي هذه ٦١٣ رغبة أنانية, هذه هي ” الأنا” الأنانية الحقيقية. بمعنى إذا كنت تود الإرتباط مع الآخرين من خلال المجموعة أو معاً عن طريق الإنترنت عندها فقط تبدأ تشعر بهذه المقاومة نحو الآخرين من ناحية “أنا لا أؤيد هذا ولا أرغب في ذاك”  وسيكون لديك ألف عذر لعدم تواجدك في المجموعة وهذا هو بعينه سمة الأنانية الحقة التي يجب أن نصححها. كل هذه الرغبات مقسمة إلى جزئين: الجزء الأول يحتوي على ٢٤٨ رغبة  والجزء الثاني يحتوي على ٣٥٦ رغبة هكذا هي مجزئة. الجزء الأول ما يدعى “ڤالڤالتا إيناييم” والجزء الثاني ما يدعى “آخاب” وعلى هذا الطريق نتقدم  نحو النور. فإن عملية التصحيح بكاملها هي في الإرتباط مع الآخرين إذ بإمكاننا تصحيح جسدنا المحطم وإعادته إلى حالته الصحيحة ولكن في هذه المرة نحن اللذين بعيد بناءه من جديد بينما في الحالة الأولى الخالق هو الذي وجده من خلال مراحل النور الأربعة وأما الآن فآدم نفسه يحاول بناء جسده بنفسه وهنا في هذه المرحلة يستطيع الإنسان التحلي بسمات الخالق الكاملة، وهذا هو هدف الخليقة. وبناءً على هذا يجب على كل منا أن يتفحص نية إرتباطه مع الآخرين وليتحمل كلٌ منا مسؤولية عمله لأنه من غير الممكن أن يتحمل الإنسان مسؤولية إنسان آخر, حتى أنَّ النور نفسه لا يستطيع أخذ عملنا على عاتقه لئلا يحرمنا من إستقلاليتنا وحرية الإختيار لدينا ونجد أنفسنا في حالة نقص عندما نصل إلى المرحلة الأخيرة. لنتفحص مراحل تقدمنا من الهدف دائماً وفي هذا قيل “كما يفتكر الإنسان في قلبه كذلك هو”.

لا يوجد أي طريقة أخرى للوصول إلى الهدف إلا عن طريق بذل الجهد وهذا ما قال فيه الحكماء “بذلت كل جهدي وفي المقابل وجدت”. وبهذا نهاية المقدمة الموجزة التي أردت تقديمها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*