www.hikmatelzohar.com+26

ما هي الرغبة الروحية

علم حكمة الكابالا ينمي قدرة الإنسان على معرفة الشر، وينمي الحدس الحاد والفطنة لديه ونفاذ البصيرة لمعرفة الخير والشر. فإنّ الصُعُوُبة في التميز بين الخير والشر هي بسبب الأنا “الأنانيّةُ  أي حُب الذات ”  أي الرغبة ذو النوايا الشريرة والتي تبدُوُ لنا بأنّها جيدةٌ . فنحن معتادين في التعامُل مع الأنا فينا على أنّها أداةٌ نتطوّر من خلالها في الحياة ولكنّ الواقع أنّ كافة أحاسيسنا والشعور بالملذات ودوافعُ الحياة التي تولد فينا أي رغبة في خلق الحياة ، بل أنّ جوهرنا وكياننا الحقيقيّ بكامله نحنُ نشعُرُ به في الأنا.

يُساعدنا علم حكمة الكابالا على رُؤية أسباب الشر وعلى إمكانية إصلاحه وتحسينه ويفتحُ المجال أمامنا للتقدُم والنُمو. إنّ الفرق بين إنسانٍ وآخرٍ في منظور الكابالا هو في قُدرة كُلٍ منُهما على التميز بين الخير والشر. دراسةُ علمُ حكمة الكابالا تجعل الشخص ذو حسٍ بالغ الدقّة ومُرهفٌ في التميز بين الواقع الماديّ والواقع الروحي، وبين العطاء والتقبُّل للذات ليعي هدف الخليقة وليُحرز درجة الكمال الذي بوُصُله إلى التوازُن الشكلي الكامل في سماته مع سمات الخالق من عطاء ومحبة مُطلقة ليعيش في هذا العالم حياةً يعُمّها الأمانُ والسعادةُ.

pointer-6حكمة الزوهار

تفسير المفهوم الصحيح لكلمة الرغبة

وعلاقة الرغبة عند الإنسان بالعالم الروحي

إنه فوق القدرة البشرية للإدراك محاولة فهم جوهر الصفات الروحية في حد ذاتها كالحب والعطاء بشكل مطلق. حتى إن وجود إحساس وشعور كهذا هو فوق قدرة الفهم لدينا، فيبدو أننا نحتاج إلى حافز ومحرك لنقوم بأي فعل من دون أي منفعة شخصية. ولهذا السبب بعينه فإن صفات الحب والعطاء المطلق يجب أن تُمنح لنا من الأعالي أي من الخالق، وهؤلاء الذين إختبروا هذا الشعور هم فقط القادرين على فهمه.

الروحية هي الطريقة التي تقدمها لنا حكمة الكابالا والتي بواسطتها نستطيع أن نحصل على القدرة لتلقي النفس الإنسانية وإرتباطنا بالخالق الذي هو القوى العليا والتي تفعم بالحياة والبهجة لكل الخليقة. إكتشف علماء الكابالا أن رغباتنا تنمو وتتطور في نطاق خمس مراحل:

١- الرغبة الأولى والأساسية هي الرغبة للطعام وللرخاء وللجنس وللأسرة. هذه هي الرغبات الضرورية للبقاء.

٢- الرغبة الثانية هي الطموح نحو الوفرة وتحصيل المال. في هذه المرحلة نعتقد بأن وفرة المال هي ضمان البقاء والمحافظة على مستوى حياة جيدة.

٣- الرغبة الثالثة وهي السعي وراء الشرف والحصول على السلطة والنفوذ. في هذه المرحلة نحن نتمتع بالتحكم والسيطرة على الآخرين والسيطرة على أنفسنا أيضاً.

٤- الرغبة الرابعة وفي هذه المرحلة تظهر الرغبة في المعرفة. هنا نحن نعتقد بأن حصولنا على العلم والمعرفة هو ما سيجعلنا سعداء.

٥- ولكن وفي المرحلة الخامسة والأخيرة من ظهرور الرغبة يتركز إنتباهنا بالسعي  وراء المجهول “العالم الآخر” أي ما وراء عالمنا. في هذه المرحلة نشعر بأن إرتباطنا بهذا العالم المجهول سيقدم لنا مُتعة عظيمة ودائمة وعندها نبدأ في البحث عن طرق ووسائل لخلق هذا الإرتباط. هذه الرغبة لشيء نبيل وسام ٍ تدعى “الرغبة الروحية”.

 

سؤال : أثناء شرحك وتفسيرك أنا الاحظ أنك تستخدم كلمة الرغبة وأحياناً أخرى تستخدم كلمات على مستوى التعبير عن شعور الحب، ما هو المفهوم الصحيح الذي يتوجب علينا أن نستخلصه عند سماع مثل هذه الكلمات وعندما تستخدم هذه المصطلحات ؟

هذا سؤال حادٌ وذكي. نحن نُشير في تعبيرنا عن الخالق على أنه قوة الحب والعطاء المطلق والإنسان الذي يفتقد إلى صفات هذه القوة في بنيّته الداخلية – وانا أعني أنه لا يملك القدرة على المحبة والعطاء بلا مقابل تجاه هؤلاء المحيطين به – فهذا الإنسان يُعاني من نقص.

كما أشرت منذ لحظة وقلت أن الخالق هو الإرادة أو القوة والتي ندعوها المحبة والعطاء الكامل أي أنه لا يوجد في هذه الإرادة أي نقص أبداً وعلى أي شكل أو مستوى. كلمة نقص التي ذكرتها هنا تُشير إلى – نقص من دون نقص – لأن النقص هنا إنما هو نقص إلى درجة الكمال في جوهرنا نحن. أي أنّ ” الأنا ” التي فينا أي الرغبة في التلقي  خُلقت بكل الآليات التي تُأهلها لتتلقى كل عطايا الخالق وبركاته التي في إرادته ان يُغدقها علينا. فجوهر عملنا أن نتبنّى من سمات الخالق من المحبة الكاملة والعطاء لتصبح طبيعتنا ولنتحلى بسمات هذه الطبيعة السامية ونرتقي فوق طبيعتنا الأنانية في عدم التمسك في الخيرات التي نتلقاها منه بأسلوب أناني بل يجب أن يكون همنا في أن نحافظ على نوعية علاقتنا مع الخالق والذي في يده كل شيء والذي خلق الإنسان ليغدق عليه كل الخير. عندما يتحلى الإنسان بسمات الخالق في جوهره عندها سيشعر بكمال الخالق في داخله أي في نفسه وعندما نرتقي نحن فوق مستوى الأنانية وحب الذات والتي هي طبيعة الأنا فينا عندها فقط سنفهم وندرك معنى كون الإنسان كائن مُستقل وحر.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*