www.hikmatelzohar.com.20

من هو الخالق

الخالق هو سمة العطاء المطلق والمحبة السامية ولهذا السبب هو متوار عن الإنسان إذ أنه معاكس في سماته كونه أناني ومغرور ويتحلى بسمة حب الذات. ولكن السؤال هنا هل من الصحيح أن الخالق هو الذي يحجب نفسه متوارياً عنا؟

في حقيقة الواقع إن العكس هو الصحيح. فالخالق لا يحجب نفسه عنا بل نحن الذين نواريه عن إدراكنا ولا نريد معرفته! كيف أن هذا الأمر صحيح؟  في جميع متطلباتنا نقول له “لو كنت فقط تعطيني ما أريده لنفسي الآن عندها أفكر في معرفتك والتقرب منك، أنت تود إعطائي ملذات الحياة عن طريق العطاء المطلق وأنا أريد أن أتقبلها عن طريق رغبتي أنا أي حب الذات كي أتمتع بها دون مبالة بالغير”.

هذه هي المعضلة. لا يوجد أحد أو أي شيءٍ يحجب الخالق عنا، فهو يملء الكون الذي نعيش في وسطه إذ لا يوجد هنالك أحد سواه. بمحاولة إلغاء شعور الأنانية لا يعني إلغاء رغباتنا ومحيها. المطلوب فقط هو تغيير النوايا الأنانية وراء أي رغبةٍ لدينا للحصول على أي شيءٍ لهدف إشباع الذات عندنا. فليس للإنسان الحاجة في حصر رغباته ومنع نفسه عن أي شيءٍ بل يجب عليه أن يحد من نوايا الأنانية مستبدلاً إياها بنوايا من أجل العطاء بمحبةٍ ونيةٍ صافيةٍ. أنا هنا لا أتعامل مع الرغبة في حد ذاتها بل مع النية وراء هذه الرغبة والتي هي الأساس هنا في هذه المعادلة

لماذا يدفع الخالق الناس نحو المعاناة والعذاب إذا كان يريد أن يمنحهم حياةً أبديةً؟ جديد

لقد تسأل الإنسان في هذا الأمر منذ أن وجد على وجه هذه البسيطة ومع بداية كل جيلٍ عاشت البشرية فيه. إن عالم الكابالا يهودا أشلاغ “صاحب السلم” كتب في أحد مقالاته قائلاً ” إنه من المستحيل فهم حصيلة مرحلةٍ معينةٍ أو تقييمها بشكلٍ صحيحٍ كوننا في بدايتها أو ما زلنا في قمة خوض تجاربها، فإنه فقط بعد إجتيازنا الطريق كله وحتى النهاية نستطيع أن ندرك أحداث المرحلة التي مررنا بها بكاملها وبمنطقٍ صحيحٍ”.

فهناك سبب وجيه للمثل الشعبي القائل:”لا تظهر عملاً ما دام في مراحل إنجازه”. فإنه فقط لأولئك الذين مشوا الطريق حتى النهاية يستطيعون اكتساب القدر الكافي من الحكمة ليكونوا قادرين على التقييم الصحيح والإدراك السليم لكل ما أخذ مجراه في تلك المرحلة.

فإن التقدم في الطريق الروحي يخلق الإحساس الذي نحتاجه في إحرازنا للهدف النهائي. هذا الإحساس الذي يكبر فينا على شكل مراحلٍ هو الإحساس بالأبدية والكمال. وهذا هو الطريق الوحيد ولا يوجد مرادفاً أو مساوياً له.

إذاً لما لم يخلقنا الخالق كاملين وأبديين منذ البداية؟ لو كان الخالق قد خلق المخلوق منذ البداية في حالة الكمال التام لكان قد حرم الإنسان من حرية الإختيار. فبعدما أن يمر الإنسان بكافة أنواع المواقف في الحياة تبدو مرحلة الكمال والأبدية هدف مرغوب لديه ليسعى وراءه ويعرف كيف يلتذ به بسرورٍ ومتعةٍ.

 كيف يكون بإمكاني تكثيف إحساسي بالخالق لأتفادى قطع إرتباطي به به ومن فكره ومن عنايته؟ جديد 

 نحن لا نستطيع الحفاظ على شعورنا بالخالق في كل الوقت بالرغم من أن إحساسنا به يجب أن يلازم كل رغبة لدينا. فكيف بإمكاننا المحافظة على الإحساس به بشكل متواصل؟ الخالق هو الذي يهتم بهذا الأمر وهو يضمن ضماناً وبشكل دائم الأَّ ننساه. ما نحتاج إليه هو التوجه والإرشاد ليرينا كيف يكون بإمكاننا أن نجعل هذا الإريباط أو هذا الإحساس دائم. تصور للحظة بأنك فقدت إرتباطك بالخالق, فكر الآن بطرق تساعدك على تقوية هذا الرباط وابذل كل جهدٍ في الحفاظ عليه. وهكذا وبالتدريج تجتمع كل الجهود لتصبح هدفاً موجه تجاه الخالق.

سؤال: هل سبق في علم الخالق أن ادم سوف يخطئ وياخذ من النور أكثر من اللازم ؟ فإذا كان الخالق يعلم مسبقا بأن آدم سيخطئ  لماذا خلقه أصلا؟   فإذا قلت لي الخالق خلق آدم  حتى لا يكون وحيدا ويستمتع الخالق بخلق المخلوق  أقول لك وهل الخالق له مشاعر ويشعر بالوحدة والوحشة ؟

عالم الكابالا:  سؤال جيد جداً
خطيئة أدم معناها مخالف لما نعتقد أنه خطيئة .
الخالق هو عطاء ومحبة ، خلق المخلوق أي الإرادة في التقبل أي النفس  ودعاها أدم
هذه الإرادة معاكسة في سماتها للخالق تماماً لتستطيع أن تكون في توازن كامل معه .
في حالة التوازن الكامل مع الخالق ، لم تشعر النفس إلا بكيان واحد بما أنها كانت في كينونة واحدة مع الخالق
في حال إدراكها بوجود الخالق، وإدراك أنها تأخذ منه كل شيء ظهر شعور الخجل فيها، وهذا ما تراه في الناس من حولك وفي نفسك إذا أراد أحد أن يعطيك شيء ما،،،،،  أرادت هذه النفس أن تكون كالخالق لها سمة العطاء فإنفصلت عنه ____ هنا الخالق فصلها عنه لكي تستطيع أن تمتلك حرية الإختيار هذا الإنفصال قائم  من خلال العوالم والسفيرات…. لو أنك تقراء كتاب إكتشاف أسرار الوجود والحكمة الخفية وراءه كل شيئ مشروح هناك بمخططات للتوضيح .  في رغبة النفس في الحصول على النور لتتمثل في الخالق رغبتها هذه لم تكن لتجلب الرضى له بل في حب ذاتها ، فلم تستطع أن تحتوي النور لذلك حدث التحطم .
طبعاً الخالق يعلم ، ولكن كي تحصل النفس على سمة العطاء لتعود لمرحلة التوازن معه في إختيارها أي بإرادتها ومن دون شعور الخجل كان لا بد للخالق أن يفصلها عنه ، وقيل في ذلك أن أدم طرد من جنة عدن وأخذ يعمل الأرض التي اخذ منها.

إن السؤال “ما هو هدف حياتي” هو بداية ظهور الرغبة عند الإنسان في إظهار وحي ومعرفة الخالق. فأنا أريد أن أعلم من الذي خلقني ومن أين نشأت ومن الذي يدير حياتي؟ من الذي خلق الكون من حولي ولماذا وضعني هنا في داخل هذا العالم الكبير؟ ما الذي يطلبه مني في كل لحظةٍ من حياتي؟ لماذا يعطيني من قلة الراحة دافعا إياي نحو المجهول؟

عالم الكابالا: عندما تبدأ هذه الأسئلة تتناثر في ذهني وبين أفكاري تصبح وكأنها السم الذي يبغي في القضاء على حياتي إذ لا يعود بإستطاعتي العيش من دون إظهار معرفة الخالق، لأنه هكذا صنعني الخالق إذ كونني تاركا بصمته في داخلي وعلى جميع رغبات قلبي. فإن رغباتي كالقالب الذي يعكس تأثير النور علي، وإلى أن أجذب النور إلي لأملء به هذا القالب فأنا لن أستطع أن أجد الراحة في حياتي بل تصبح هذه الحياة أسواء من الموت عندي وأصل إلى مرحلةٍ أقدم فيها على عمل أي شيءٍ مقابل إيجاد ولو المقدار القليل من الإكتفاء في داخلي لأستطيع الإستمرار في العيش.

لذلك إن واجبي محصور في توضيح كيفية إظهار النور وفي كيفية حصولي عليه، وطبعا هذا عمل ليس بقليلٍ ولا هو أمر بسيط فإنه من أجل هذا بالضبط دعيت حكمة الكابالا “حكمة التقبل”. إن كلمة التقبل أو القبول في العالم الروحي ذات معنى مخالف لما هو متعارف عليه في عالمنا هذا الذي نعيش فيه، فمثلا إذا كنت عطشانا أشرب قليلا من الماء لأطفىء ضمئي، لا يمكنني في العالم الروحي أن أشبع رغبتي هكذا وبشكلٍ مباشرٍ، فليس الأمر على هذا النحو لأن الخالق لم يعطني رغبة مهيأة لقبول النور ولكن يحب علي أولا تنقية الرغبة وتصفيتها بوضوحٍ، فهو يريدني أن أتحقق من الذي أريده،أي من معرفتي للنور ومن إدراكي المؤكد بأن النور هو الذي فيه أعظم شعورٍ بالإكتفاء التام لرغبة قلبي والذي تصبو نفسي إليه. وهو يريدني أن أجرب كل أنواع الرغبات وكل أساليب الإكتفاء إلى أن أصل إلى مرحلةٍ أثبت لنفسي فيها مؤكدا ما أريده مقتنعا بأن النور هو الشيء الوحيد الذي أريده.

فالخالق غيور جدا ومن الصعب إرضائه فهو يريدني أن أحبه لوحده فقط وهو يؤكد لي هذا بإظهاره في داخلي كل هذه النزعات والميول التي من الممكن أن تستحوذ على رغباتي لأصل إلى القرار الحاسم في أنني لا أرغب في أي شيءٍ آخرٍ بجانبه وأنه هو الوحيد دائما وسيبقى إلى الأبد الوحيد في حياتي دون غيره. كما ورد في مزمور الملك داود إذ قال:”أنظر ما أطيب الرب”.

 إذا كان الخالق منبع الخير ويريد لنا أن نعيش حياة سعيدة إذا فما أو من هو مصدر الألم في حياتنا؟

عالم الكابالا: إن الخالق هو مصدر كل شئٍ في حياتنا ولا يوجد أي مصدرٍ آخرٍ لما يأتي على الإنسان. فإن الكمال يأتي منه فقط، فالخالق هو مصدر كل خيرٍ ولا أحد سواه ولا يوجد آخر بجانبه إلا الخليقة التي خلقها. لكن بما أن الإنسان ذو سماتٍ مخالفةٍ لتلك التي للخالق فعندما يحاول أن يتلقى عطية الخالق من كمالٍ يشعر به على أنها عطية ناقصة وغير متكاملةٍ مما يولد العذاب والضيق في قلبه. هذه الظاهرة تدعى “إختفاء أو تواري الخالق”، وهنا تكمن مشكلة الإنسان. لذا يتوجب علينا أن نعمل على تصحيح سماتنا لتصبح متماثلة لسمات الخالق ليكون باستطاعتنا الشعور بتأثيره علينا بالشكل الصحيح ونشعر بالخير الذي يغدقه علينا. فبقدر الإختلاف في سماتنا معه يكون مقدار شعورنا بالكمال وبالألم. ومن أجل أن يحول الخالق مانعا إيانا من أن نخطئ بتصويب إتهاماتنا له والكفر به لكي لا نبتعد أكثر وأكثر عنه لذلك يتوارى عنا. لطالما نشعر بالتعاسة لا نستطيع أن نرى بأن كل شيءٍ يأتي منه فقط عندما يأخذ شعور الفرح يجتاح أحاسيسنا عندها يظهر الخالق نفسه على أنه مصدر الخير.

لماذا يخفي الخالق العالم الروحي عنا؟

عالم الكابالا: هذا سؤالٌ جيدٌ لأنه يحمل في طياته الرغبة في البحث عن الروحية وعن العالم الروحي ولكن ماذا تظن أنت؟ لماذا وحتى الآن لم يجد الناس أجوبةً لهذا السؤال ومنذ آلاف السنين؟ أو أنه من المحتمل أنهم وجدوا الجواب ولكنهم يخفونه عنا! فكيف أنه بوجود الكثير من الأناس الأذكياء من فلاسفةٍ وعلماءٍ وباحثين غير قادرين على الإجابة على أهم سؤالٍ يتعلق بالإنسان نفسه؟ في الواقع لما لا نحاول أنفسنا الإجابة على هذا السؤال المهم؟ لما يخفي الخالق الأجوبة عن عيوننا؟ ولكن هل تلاحظ أن الخالق لم يخف السؤال عنا بل على العكس هو الذي يجعلك تتسائل في هذا الموضوع وتتذوق مرارته. الجواب لهذا السؤال بسيط، فإنه لولا تواري الخالق عنا لم تتوفر الفرصة للإنسان في حرية الإختيار.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*