www.hikmatelzohar.com.83

معنى الحب

الحب الحقيقي

الحب هو الخاصة الأساسية التي بُنيى عليها العالم.

في علم الكابالا  الحب ذو تعريف علمي وواسع وشامل النطاق ولكن وبشكل مختصر نستطيع القول بأنّ الحب هو شعور الشخص بالعالم الداخلي أي في إحساسه  لرغبات وحاجات شريك حياته والعمل على إشباعها. فالإحساس الذي يشعرُ به الشخص أثناء إشباع حاجات الشخص الآخر هذا ما يُسمى “الحب”.  أي عندما  يبذل الواحد تركيزه  في وضع حاجات  شريك حياته  في درجة الأولوية  والعمل على جعل الشريك يشعر بالإكتفاء والسعادة  هذا الفعل يعود عليه بالشعور بالسرور الشديد والإكتفاء لنفسه. فالحب ليس إحراز اللذات من الشخص الآخر وإشباع  رغباتكَ الغريزية  ولكن الحب هو عندما تعطي من نفسكَ لشريك حياتكَ لتلبية مُتطلباته وحاجاته المعينة.

الكابالا تقول: ” الزوج والزوجة والوجود الإلهي بينهما “

أي أنًّ النور الإلهي متواجد وحاضر بينهما. فمن الصعب  في أن يكون هناك أيُّ صلةٍ أو ترابطٍ  بين الزوج وزوجته واللذين يُمثلان الطرفين المتناقضين من العالم إلا َّ في حالة أن الخالق والذي هو الحب اللذي يُنظم ويتحكم بالكون يكون متواجدا َ بينهما . الخالق نفسه هو قوة العطاء العامة في الطبيعة – قوة الحب الوحيدة القادرة على جمع على جمع ضدين ذو سمات وخواص مختلفة .

إذا أخذ الرجل والمرأة ببناء وتنمية العلاقة بينهما على مبدأ العطاء عندها تتواجد صلة الترابط الحقيقية بينهما وهكذا يتكون الإتحاد الثلاثي بينهما  فإنه من المستحيل تواجد إتحاد بين شخصين إن  لم يُبنى على صفة العطاء ذاتها. فعبارة الإجتماع معاً  تأحذ مفهوماً مختلفاً  في علم الكابالا عنما هو متعارف عليه في العامة. ” فإجتماع الرجل والمرأة معاً أي إجتماع آدم وحواء ” يعني تقارب وإجتماع الجزء الذكري من العالم والجزء الأنثوي منه معاً والسبب في إجتماعهم سويا ً هو تكميل بعضهم  البعض ليأتوا بالتصحيح العام للجنس البشري. فعندما يدرس الرجل حكمة الكابالا يجذب النور إليه والمرأة  بكونها أنها الرغبة في التقبل تزوده  بدورها  بالحاجة والرغبة والتي تخدمه  كوقود للطاقة  ليسعى في عملية التصحيح. كل منهما له دوره الخاص والذي لا يقل أو يزيد في الأهمية عن الآخر ولا يستطيع واحدهم الإستغناء عن الآخر .

إذا كنت تريد أن تقوي علاقتك الزوجية هناك من نصوص ومنشورات علم الكابالا  والتي تُناقش وتشرح معنى الحياة الزوجية والشراكة معاً. عندما يقرأها الزوجان معاً وعلى نحو متواصل  تُعزز وتقوي إتصالهم الروحي سويا ً وبشكل كبير كما  وتَجلب السلام والإنسجام  في المشاعر والأذواق والآراء بينهما. عندما يقضي الزوج والزوجة خمسة عشر دقيقة يومياً في قراءة هذه النصوص معاً فهذا  يزودهم بسمة خاصة وفريدة في علاقتهم والتي فيها قوة على حل كل المشاكل التي بينهم وهذا بسبب أن نصوص الكابالا فيها قوة عظيمة.

علاوة على ذلك فالشخص الوحيد الذي بإمكانك أن تبوح بمشاعرك له هو شريك حياتك. فإنه من الممنوع  بل من المحرم  في علم الكابالا  أن تتكلم مع أي إنسان عن عمق مشاعرك وتجاربك الروحية إلا َّ مع الزوج أو الزوجة . فإن الزوج والزوجة يُكمل واحدهم الآخر بمشاركة مشاعرهم  ومعا ً يتقدمان  في المجال الروحي .

www.hikmatelzohar.com.85

لا يأحذ علم حكمة الكابالا عبارة إجتماع الرجل والمرأة معاً بمعناها الحرفي أي إجتماع آدم وحواء أو الرجل والمرأة جنسياً ولكن المقصود هنا هو إتحاد الجزء الذكري من الإنسانية والجزء الأنثوي من الإنسانية.

إن إجتماع أو إتحاد الجانبين سوياً يكون بقصد تكميل الواحد للآخرليأتوا بالتصحيح العام للجنس البشري. فعندما يدرس الرجل حكمة الكابالا يجذب النور إليه، أما المرأة  فلها دور فعال وأساسي في مراحل التصحيح فهي التي تزود رجلها  بالحاجة أو بالرغبة والتي تخدم كوقود له للسعي وراء التصحيح والوصول إلى هدف الخليقة. فلكل من الرجل والمرأة  دوره الخاص والذي لا يقل أو يزيد في الأهمية عن الآخر ولا يستطيع أحدهم الإستغناء عن الآخر. وإن إجتماع الزوج والزوجة بناء على هذا الأساس يولد علاقة صحيحة وقوية  إذ أن نصوص علم حكمة الكابالا تحتوي على نوعية خاصة من النور الذي بدوره يبني هذه العلاقة على مبدأ العطاء لضمان نجاح العلاقة الزوجية.

سؤال:  كيف تعتبر بأن الحب بين الناس هو قانون إذا كان الحب يدور حول مشاعر الشخص؟

الرغبة هي الأساس  والبنية التحتية للخليقة. الرغبة هي قوة  كقوة الجاذبية في مميزاتها. فالعالم شُكل بناءً على قوانين علمية تعمل بإنسجام معاً ليسير الكون بحسبها في تناغم وتكامل ونحن خاضعين تحت سيطرة هذه القوانين بشكل إلزامي، وهناك قوانبن أخرى لا ندركها وبالتالي لا نلتزم بها من منطلق عدم معرفتنا بها  ولكن عندما تصبح هذه القوانين ظاهرة فمن الأفضل دراستها ومعرفة قواعدها وتأثيرها والإلتزام بها. ففي عالمنا كثيراً ما نستخدم كلمة “الحب” ولكن ما المقصود بهذا المصطلح ؟

الحب هو الإحساس الذي يوقظ فيّ الشعور الذي يجعلني أطمح تجاه وميض النورالذي تولد في داخلي وأنا أريد الإقتراب منه والإرتباط به للحصول على نوع من الإكتفاء الذاتي لملء الفراغ الذي أشعر به في داخلي.  طبعاً إن الإكتفاء الذاتي يأتي من أشياء متعددة كالطعام مثلا والجنس أو قضاء وقت ممتع مع الأسرة وأيضاً يأتي الإكتفاء الذاتي من الإستحواذ على المال  والسلطة وحتى المعرفة ولكن ما هو الشيء الوحيد الذي أسعى وراءه ليكون الرابط بيني وبين جميع هذه الأشياء؟ فأنا أسعى وراء هذا الوميض الذي أشعر به في داخل رغبتي. وهذا هو معنى “الحب “ في عالمنا.

إن قانون ” أحب قريبك كنفسك ” في علم حكمة الكابالا  لا يعتني بالمظاهر الخارجية للإنسان كجمال الوجه ونوعية شخصية الفرد أو مركزه في المجتمع فهذا ما يأخذه الناس بعين الإعتبار في تفسير معنى الحب في عالمنا المادي الذي نعيش فيه. فهذا النوع من الشعور ليس هو بحب للشخص الآخر بل هو مجرد شعور بالإنجذاب لا أكثر وهذا الإحساس الذي أشعر به لأني أراه أنه يشبع رغبتي أنا. الحب الصادق والحقيقي هو عندما تعمل على تقديم السعادة والإكتفاء من خلال تحقيق رغبات الشخص الأخر كما لو كانت رغباتك أنت، هذا يعني بأنك تحب قريبك بدلاً من محبتك لنفسك . فالعمل والجهد الذي تبذله في تقديم السعادة والإكتفاء للشخص الآخر هو ما يدعى ” أحب قريبك كنفسك”.

إن الكراهية التي نشعر بها تجاه الشخص الآخر ليست هى شعور بالكراهية في المفهوم المتعارف عليه عادة ولكنه الرغبة في إستخدام هذا الشخص لمنفعتي الشخصية  للحصول على الإكتفاء في رغباتي الأنانية وعدم الجدوى من منال ما أوده من هذا الشخص لنفسي يولد فيّ الشعور في أنني لا أحبذ هذا الشخص أو أنني أكره ذاك الشخص وهكذا نحن نستخدم مصطلح الكراهية  للتعبير عن هذا  الشعور إلى أن نحوّل هذا الشعور بالكراهية إلى الشعور بالمحبة. كيف يكون هذا التحويل ممكناً ؟ بإستخدام هذه الرغبة التي فيَّ لتقديم السعادة والإحساس بالإكتفاء للشخص الأخر بدلاً من منفعتي الشخصية التي كنت أسعى وراءها.

أستاذي ومعلمي عالم الكابالا الراباش كان يقول لي: تخيل نفسك وكأنك في معادلة جبرية حسابية مع صديقك أو قريبك، فإذا حسبت نفسك بمقام  الصفر في هذه المعادلة وصديقك هو العدد واحد فيها أو على العكس لو كنت أنت العدد واحد وصديقك يمثل العدد الصفر، فموضعك في هذه المعادلة يعتمد كلياً على رغبتك – سواء كنت ترغب في إستخدامه لمصلحتك الشخصية أو أن يكون هو المنتفع منك، فإلى الحد الذي ترغب أنت فيه في تحقيق السعادة له ومنحه الشعور بالإكتفاء إلى هذا الحد سيكون في إستطاعتك الحصول على السعادة والشعور بالإكتفاء لنفسك، فهذه هي هبة ومحبة الخالق لك ومكافأتك على سلوكك بعدم أنانية تجاه صديقك.

 

الحب في الروايات الخيالية

  هل أن الحب الذي نسمع عنه في الروايات الخيالية هو حقيقية ام خيال فقط؟ أم أن الحب الحقيقي يتواجد فقط في العالم الروحي؟

إذا كان الإنسان يعتقد على أنه من الممكن إيجاد الحب الذي سيُسعده في قصص الخيال السائدة التي يقرأها في كتب القصص ربما من المستحسن ان يعيد النظر في هذا الموضوع. فالحب الذي في قصص الخيال ليس فقط أنه أسطورة من الخيال بعيدة عن الواقع الحقيقي للحياة بل هو فن الأسلوب والإبداع  في إستغلال الآخرين لإشباع الذات في الشخص.

فما ندعوه بالحب بالمعنى المتعارف عليه في عالمنا هو إشباع الشخص لرغباته الأنانية على حساب الشخص الآخر إما إذا كان إشباعاً جنسياً أو أي نوع آخر من إشباع الذات يتلقاه الشخص من الآخرين، فهذا ليس حباً.

فما هو الحب إذاً ؟  الحب هو التركيز على ما يبغاه شريك حياتك وإدراك رغباته والعمل على إشباعها بالطريقة التي تُرضيه لتجلب السعادة لشريك حياتك وليس لإشباع رغباتك أنت فقط. بمعنى آخر أن تجعل من نفسك أداةً  لإشباع رغبات شريك حياتك. هذا هو معنى الحب الحقيقي وأنه يوجد فقط في العالم الروحي.

عندما نتكلم نحن عن الحب في هذا العالم ففي الواقع نحن نتكلم عن الإعجاب والشهوات النابعة من الهرمونات الجسدية، فإذا فصلنا الإنسان عن الهرمونات التي في جسده فإنه لن يتمكن من  أن يشعر بإحساس أو الشعور بالحب.  هذا يُثبت لنا بأن ما نعتقد أنه حب ليس إلا ّ رغبة غريزية للتمتع الذات. فالرغبة في إشباع غريزتك على حساب الشخص الآخر هي رغبة وحشية.

لذلك نجد أن الحب الذي نقراء عنه في روايات الخيال ليس إلا ّ وهم غير واقعي بسبب أن كل رغباتنا مبنية فقط على رغبة إشباع الذات فينا. بما أن طبيعتنا أنانية ولا تعرف إلا الأخذ للإحساس باللذة في الذات، فعندما نُعطي أحداً ما شيئاً، نعطي لهدف أن هذا النوع من العطاء يعود علينا باللذة والسعادة، إن فعل العطاء بذاته ليس له قيمة بحد ذاته لدينا فالأمر الوحيد الذي نهتم به من خلال هذا السلوك هو ما نشعر به نحن لذلك هذا العطاء لا يُعبر عن الحب الحقيقي إذ أنه يسعى لإسعاد الشخص لذاته فقط.     

 

حقيقة العلاقات الوهمية

  العلاقات الوهمية ليست إلا ثمرة خيالنا. فالكثير من الناس في يومنا هذا يختلقون روايات حب ٍ خيالية عن طريق مواقع الإنترنت الإجتماعية. أشخاص يتعرفون على أشخاص آخرين ويرى واحدهم الآخر بصورة يضعونها على صفحتهم، وبسبب البعد وعدم التفاعل الواقع من يوم ليوم في التعامل مع الحياة يقعون في الحب مع شريكهم الخيالي.

من السهل الإنجذاب وراء فكرة لشريك ٍ خيالي هو في نوعية الإتصال معهم الغير واقعي ومحسوس ومنفصل عن أي تواصل جسدي وروحي ومنفصل عن مواجهة صعوبات الحياة التي تواجه الشريكين معاً ومنفصلين عن التعامل مع السمات الشخصية المختلفة في كل منهما. وبما أننا حررنا أنفسنا من أي حدود جسدية من التعامل مع الشخص الآخر نطلق العنان لمخيلتنا بدون أي حدود معطين من أفضل وأسمى الصفات لهذا الشخص الذي هو من صنعة خيالنا ونعمل على بناء هذه العلاقة الوهمية وتقوية رباطنا بهذا الشخص الذي لا يتواجد في الواقع الحقيقي. قد أقنعنا أنفسنا بضرورة هذا الإرتباط وجديَّة هذه العلاقة على أنها فرصتنا الوحيدة لنعيش قصة حب جميلة من دون أي نقص أو مشاكل. لكن ولسوء الحظ هذا ليس إلاّ  وهماً.

على مواقع الإنترنت، كل معالم الإنسان الحقيقية مخفيّة عن أنظارنا لذلك يأخذ هو بالتعبيرعن نفسه بالطريقة التي يختارها ولكنها بعيدة عن الواقع الحقيقي إذ أنه يصف نفسه بالسمات التي يصبو إليها هكذا نجد أنفسنا مع الوقت نغرق في هذه اللعبة متناسين أننا نتعامل مع شخص وهمي شخص من صنع خيالنا.

  في الواقع عندما نقوم بالتعارف على شخص ما وجهاً لوجه نستطيع أن ننظر في عينيه ونتمعن في ملامحه حين يتكلم ويكون بإمكاننا أن نرى ما إذا كان هذا الشخص يملك الصفات التي يدعيها ونتحقق ما إذا كانت حقيقية أم أنها مُجرد إدعاء. أما على موقع الإنترنت فبإمكاننا فقط رؤية معالم شخصية مُنتقة بحذر مع قراءة بعض السطورالتي يكتبها الشخص عن نفسه والتي معظمها ليست إلا إدعاء كاذب، وفي جنوح خيالنا وراء فكرة الحب التي توجد في القصص الخيالية يجمح بنا الخيال ونأخذ بتصديق هذا الشخص في كل ما يتدعيه وعندما تأتي اللحظات لمقابلة هذا الشخص، نستيقظ بعد زوال فقاعة حلم اليقظة التي كنا نعيش فيها طوال هذه الفترة لتتطاير في الهواء مواجهين الواقع الحقيقي لهذا الشخص والتي تختلف عن الصورة التي رسمناها في خيالنا ونغرق في بحر خيبة الأمل والتي تترك القلب مكسوراً. فلنكن واعين ونفهم المعنى الحقيقي للحب لكي لا ننخدع ونساق وراء خدعة الكذب.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*