صلاة-hikmatelzohar

كيف يساهم إكتساب الميزات الروحية في التطور الصحيح

 ما علاقة الطبيعة وقوانينها بطبيعة الإنسان وبسماته؟ وما التأثير المتبادل بين ميزات الإنسان وسماته على قوانين الطبيعة؟ وما الدور الذي يلعبه هذا التأثير في العلاقة بين عالمنا والعالم الروحي؟

إن تطور البشرية على أساس أناني “من أجلي أنا” أدى إلى تكوين فارق كبير بين المُستوى الأخلاقي للبشرية وبين مُستواها العلمي. وهذا هو بالضبط الأمر الذي خشاه أريسطاطل وأفلاطون عندما منعوا تدريس العلوم من كل من لم يكن ذو مُستوى أخلاقي عفيف هل هناك علاقة بين المُستوى الأخلاقي للإنسان “الرغبة” وبين قُدرته العلمية؟ بالطبع! لأنه في حالة انعدام النية الصحيحة والأخلاق العالية لا يمكن ـ بواسطة البحث العلمي ـ إدراك القوانين الطبيعية أو القوانين الإجتماعية بصورتها الحقيقية، بل بصورتها الضيقة ومن وجهة نظر مُعينة وبالتالي ننظر إلى فعاليتها في عالمنا الضيق من خلال زاوية حادة ، وذلك لأننا نبحث برغبة أنانية ومن ثم فإننا نستوعب جزءًً ضئيلاًً من مجموعة التفاصيل الدقيقة والمهمة والفعالة في بنية محيطنا.

كل قانون يكون ساري المفعول في جميع مجالات الحياة، سواءٌ في هذا العالم أو في العالم الروحي. ولكننا نستطيع أن نراه ونشعر به وبمدى فعاليته إذا كنا في حالة توازن مع هذا القانون . وهذا يعني أنه يجب علينا أن نكون ذو ميزات تُلائم ميزات قانون الوجود، أي : ميزات الغيرية أي “حب الغير” والعطاء، فهذه هي صفات العالم الروحي.

هل ميزات الإنسان تُسبب في تغيير قوانين الطبيعة وميزاتها؟ كلا! إن قوانين الطبيعة لا تتغير أبداً، وكذلك لا يحدث أي تغيير في التفاعل والتأثير المُتبادل بين قُوات الطبيعة المُختلفة، إنما الطبيعة تتجلى بعدة صُور وأشكال، وفقاًً لميزات الباحث الذي يدرسها . الطبيعة ترى للباحث من وُجهة نظر مُختلفة وليس كقانون آخر. يتفهم الإنسان ما يستوعبه ويشعر به بواسطة حواسه الخمس فقط ، وهذا يعني أن شعور الإنسان هي شخصية وخاصيتة التي يرى العالم بواسطتها يجب علينا أن نتغير. فالطبيعة لا تتغير كما قُلنا، وبنتيجة تغير الإنسان لنفسه تتغير نظرته إلى الكون ويستطيع معرفة قوانين للطبيعة على حقيقتها . ومن المُدهش ، إن الإنسان يعتقد بـأنه يُغير الأشياء التي تحيط به، ولكن بالفعل لا يتغير شيئاًً سواه! وهذا التحول الذي يتجاوزه يجعله يشعر وكأن الطبيعة نفسها قد تغيرت.

ما هي الطبيعة ؟ وما هي قوانين الكيمياء والفيزياء وقانون القوة الجاذبية وغيرها ؟ هل تتغير هذه القوانين وفقاً لسمات الإنسان ؟ كلا! إن ما يتغير هو الفكر الذي يدرك به الإنسان قوانين الطبيعة. الإنسان يشعر بتغيير في إحساساته فيتوهم بأن التغيير يحدث في مُحيطه . والسبب في ذلك هو إعتقاده بأنه مركز الخليقة الذي لا يتغير. والإنسان، عندما يُغير ميزاته، عندها يجد توازن بينه وبين الطبيعة من حوله، ويشعر بهذا بصورة واضحة وجلية. والتطورات الوحيدة التي تحصل في الخليقة هي تطورات التغير الداخلي في ميزات وسمات الإنسان، ونتيجة هذه التطورات هي شعور الإنسان وكأن الإرادة العُليا قد تغيرت نحوه. ولذلك، يجب علينا أن نعرف كيف نُغير ميزاتنا الداخلية، لكي نستطيع أن نُغير قوانين الطبيعة لصالحنا. وعندما نعرف كيف نفعل هذا، ستكون النتيجة جيدة بالتأكيد وسيكون مُستقبلنا أحسن من ماضينا ومع تطور العلم، إكتشف العلماء بـأن الإنسان قادر على التأثير على ظواهر الطبيعة . ويُقال أن نتائج الإختبارات العلمية متعلقة بالميزات الشخصية للباحث. فما عسى أن يكون مغرى هذا الأمر؟ يقولون أن نتائج الإختبارات العلمية الدقيقة تتأثر بشخصية الإنسان الذي ينجزها. وبطبيعة الأمر، توجد إختبارات أُخرى أكثر صعوبةًًً ونتائجها لا تتعلق بالباحث على الإطلاق. أي أنه إذا كان الباحث صديق أو شرير- ستكون النتيجة واحدة. ولكن الطبيعة تحتوي على ظواهر أكثر نعومة ودقة من المادة، ونتائج البحث فيها تتعلق بالميزات الشخصية للباحث وسوف نكتشف في القريب العاجل بأن تزويد العلماء بالأدوات ـ وحتى لو كانت هذه الأدوات في غاية الإتقان والدقة ـ أمر غير كاف، بل هناك حاجة ماسة لعُلماء متمرنين بوسعهم التأثير على الطبيعة بصورة صحيحة. إننا جميعاًً نُؤثر على الطبيعة بمحض وجودنا فيها ، والسؤال هو : ما هو التأثير الصحيح الذي يجب أن نتركه. من المُحتمل أنه في مرحلة التطوير القادمة، لن يحتاج العلم إلى أدوات ميكانيكية ، ألكترونية ، كهربائية، بصرية أو أجهزة للتصغير والتكبير، بل ستكون الآلة هي الإنسان نفسه، الذي يبحث هذا العالم ويعرف كيف يُؤثر عليه بصورة صحيحة ولكن ، كيف نعرف ما هو التأثير الصحيح ؟ وما هو العلم الذي يبحث العلاقات بين تأثير الإنسان على الطبيعة وبين النتائج التي يحصل عليها من الطبيعة نتيجة هذا التأثير ؟ إنه علم حكمة الكابالا. عن طريق علم الكابالا يتعلم الإنسان كيفة تأثير سلوكه في الوجود من حوله وتأثيره عليه، وكما هي الحال في العلوم الأُخرى تستعمل الكابالا مُصطلاحات مُعينة ودقيقة ، فإن لغة الكابالا لغة علمية ففي أي بحث علمي، إن ما نريده من الطبيعة التي تحيط بنا هو الحصول على المعلومات الضرورية لكياننا وعلى الأشياء التي نحتاج إليها ، وسيكون بوسعنا ، في القريب العاجل، أن نحصل على هذه المعلومات والأشياء بمجرد إستخدام ميزات الإنسان نفسه ، بدون الحاجة إلى كافة الأجهزة والأدوات التي اخترعها بنفسه تعلمنا حكمة الكابالا معنى الميزات التي تتيح للإنسان البحث في الوجود بصورة صحيحة، وتساعده على اكتساب هذه الميزات الضرورية التي تُسمى “الميزات الروحية” والتي تُؤدي إلى التأثير على العالم، كما وأنها تكشف للإنسان عن سر الأمور وتعلمه كيف يتمكن من التأثير الإيجابي على الخليقة والحصول على أحسن نتيجة ممكنة . وطريقة تأثير الإنسان على محيطه تُسمى ” بالرغبة ” فالكابالا هي علم إدارة الوجود، والعالم وخاصة في الوقت الراهن بحاجة ماسة لها، فهي الطريقة الوحيدة للإنسان ليجد التوازن مع الطبيعة من حوله ولإرتباطه بالخالق.
بالإضافة إلى هذا، لم يبحث أحدُُ بعد وبشكل علمي في إمكانيات ضبط مصير الإنسان ما عدا علماء الكابالا، والسبب في ذلك هو إن التأثير في إدارة الكون غير ممكن إلا  عن طريق حكمة الكابالا . فهذه الحكمة هي الوحيدة التي تكشف عن حقيقة هدف الخليقة وعن كيفية الوصول إلى هذا الهدف . فهذه المواضيع هي من خاصية بحوث علم الكابالا تعتني الكابالا في البحث والتفسير الدقيق لقوانين الطبيعة من خلال براهين علمية ثابتة ومثبتة وتوفر للإنسان الوسائل التي تساعده في تغيير نفسه عن طريق تبني سمات الخالق وبالتالي إيجاد التوازن مع الطبيعة ومحيطه من حوله الهدف هو بسيط وواضح – الوصول إلى حياة السعادة والطمئنينة أي الوصول إلى الحياة الكاملة والأبدية ، وهذا ما يبحث عنه الجميع عالمنا هذا ، إنما هو جزءُُ صغير من مجموعة أجزاء الخليقة . ومثلما يبحث العُلماء في ظواهر وقوانين هذا العالم المادي الذي يدركها الإنسان بحواسه ، يُحاول عُلماء الكابالا البحث في العالم الروحي وفي قوانينه لأنه فيه الجذور لكل ما يحدث هنا في عالمنا هذا، فبجانب الخالق لا يوجد إلا  الخليقة أي الإنسان وعلم الكابالا هو الطريقة الوحيدة التي تشرح العالم الروحي والقوة العليا “الخالق” والإنسان من أين أتى وما هو مصيره وهدف وجوده

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*