علم الكابالا

علم الكابالا

علم الكابالا – ظهوره ومراحله

إن أبونا وسيدنا إبراهيم عليه السلام هو أول عالم في علم حكمة الكابالا المعروف لدينا.رأى سيدنا إبراهيم عظمة ومعجزة الوجود الإنساني وبنية الكون وعمل قوانين الطبيعة وسأل أسئلة كثيرة عن الخالق مستفسرا عن عظمة الخليقة فظهر له العالم الأعلى من خلال الوحي والإلهام.هذه المعرفة التي اكتسبها والطريقة التي استخدمها في اكتساب هذه المعرفة دونها وحفظها للأجيال القادمة.

فعلى مر العصور إنتقل علم الكابالا من عالم كابالا إلى آخر بشكل شفوي، وكلٌ منهم أضاف براهين تجربته الشخصية لجميع قوانين النظرية المنصوص عليها لهدف جمع الكم الأكبر من المعرفة.وكل الإنجازات التي توصل إليها علماء الكابالا في اكتشاف ومعرفة العالم الروحي دونت في أسلوب ولغة وثيقة الصلة بالموضوع ومناسبة للجيل التي عاشت فيه تلك النفس.

استمر علم الكابالا في الإنتشار بعد المدونات التي كتبها سيدنا موسى عليه السلام.وفي المرحلة الزمنية من سنة ٥۸٦ إلى سنة ٥١٥ في حقبة ما قبل الميلاد، كان تعليم الكابالا منتشرا إذ كان يدرس ضمن مجموعات صغيرة ومتعددة من طالبي العلم.ولكن منذ سنة السبعين بعد الميلاد إلى جيلنا هذا هناك ثلاثة مراحل خاصة تعتبر مهمةٌ جدا في تاريخ تقدم علم الكابالا والتي صدرت فيها أهم الكتابات الأساسية في دراسة نظرية وأسلوب علم الكابالا

ظهرت المرحلة الأولى في القرن الثاني عندما كتب عالم الكابالا شمعون بن يوخاي والملقب “بالراشبي” كتاب الزوهار.وكان هذا حوالي عام المائة والخمسون للميلاد. كان عالم الكابالا شمعون بن يوخاي تلميذا عند عالم الكابالا عاكيفا والذي عاش من سنة ٤٠ إلى سنة ۱۳٥ للميلاد في عصر الإمبراطورية الرومانية حيث ألقى الرومان القبض على عالم الكابالا عاكيفا وعلى عدد وفير من تلاميذه وقتلوهم إذ أنهم شعروا بأن تعليم الكابالا للعامة أمرٌ يهدد سلامة حكومتهم وقوة سيطرتهم على الشعب.فقد لجأ الرومان إلى سلخ جلد عالم الكابالا عاكيفا عن جسده بواسطة مكشطة من الحديد كالمكشطة التي تستخدم في تمشيط شعر الخيل كعقاب له على تعليم ونشر علم الكابالا.بعد وفاة أربع وعشرين ألفا من تلاميذ عاكيفا أعطي السماح لعالم الكابالا الراشبي من قبل عالم الكابالا ومعلمه عاكيفا وعالم الكابالا يهودا بن بابا تاركين في عهدته مسؤولية تعليم الأجيال القادمة بنفس الأسلوب والمنهج الذي تلقن به العلم هو نفسه من معلمه وأيضا مسؤولية ضرورة المحافظة على نقاوة وطهارة التعليم.فإن شمعون بن يوخاي -الراشبي وأربعا من تلاميذ عاكيفا الآخرين هم الوحيدين الذين نجوا بحياتهم من يد الرومان فبعد أن تم القبض على عالم الكابالا عاكيفا وإلقائه بالسجن نجا الراشبي مع إبنه وتواروا عن الأنظار مختبئين في كهف لمدة ثلاث عشرة سنة.

وبعد ثلاث عشرة سنة ظهروا وفي حوزتهم كتاب الزوهار ونظريةٌ واضحةٌ في دراسة علم حكمة الكابالا وإحراز العالم الروحي ومعرفة الأمور الروحية.لقد وصل الراشبي إلى أعلى درجات العالم الروحي والتي من الممكن للإنسان الوصول إليها متخطيا كافة درجات السلم المئة والخمس والعشرين درجة بحسب ترتيب العوالم الروحية كما وضعها الخالق والتي بإمكان الإنسان إحرازها أثناء وجوده في هذا العالم.يعلمونا كتاب الزوهار أن عالم الكابالا الراشبي وإبنه عالم الكابالا إليعازر وصلوا إلى درجة رفيعة المستوى في العالم الروحي والتي يطلق عليها درجة”إيليا النبي” أي أن النبي إيليا عليه السلام نفسه قام بتلقين العلم بكل تفاصيله لكليهما.

لقد كتب كتاب الزوهار في صيغة رمزية وهي صيغةٌ فريدةٌ من نوعها وقدم باللغة الآرامية وهي اللغة التي كانت سائدة في ذاك العصر. يخبرنا كتاب الزوهار بأن اللغة الآرامية هي “الوجه الخلفي للغة العبرية” أو إذا صح التعبير “الجهة الخفية للغة العبرية”، لذلك نجد بأن مقالات الزوهار هي مزيجٌ بين اللغة الأرامية والعبرية.

لم يكتب عالم الكابالا شمعون بن يوخاي كتاب الزوهار بنفسه ولكنه شرح لنا الحكمة وطريقة إحرازها بنظام وأسلوب منتظم وثابت وأملا هذه الحكمة بقواعدها وقوانينها وأساسها على عالم الكابالا آبا.آبا هو الذي كتب مدونا جميع المعلومات التي تلقاها من عالم الكابالا شمعون بن يوخاي في أسلوب منقح وخفي ولهؤلاء الذين يبحثون عن الحكمة بالفعل وبكل قلبهم هم الوحيدين الذين يستحقون فهم محتويات كتاب الزوهار.

يفسر كتاب الزوهار شارحا أن مراحل تطور الإنسانية مقسمةٌ على مدار ستة آلآف سنة من خلالها تمر النفس البشرية بمراحل عديدة من النمو والتطور في كل جيل. في النهاية تصل هذه النفوس إلى مرحلة يقال لها “نهاية مراحل التصحيح” وهي المرحلة الأعلى في الكمال والروحية والتي يمكن للنفس البشرية الوصول إليها.

كان عالم الكابالا شمعون بن يوخاي من أعظم علماء الكابالا في عصره وجيله الذي عاش فيه. فقد كتب مقالات كثيرة كان فيها يشرح مفسرا أعمال علماء الكابالا الذين أتوا قبله وكان قد نشر جميع هذه الشروحات بكاملها وكلها اليوم معروفةٌ ومحفوظةٌ لدينا إلى يومنا هذا.وأما بالنسبة إلى الأمر المتعلق بكتاب الزوهار، فقد اختفى هذا الكتاب عن متناول العامة بعد كتبته إذ كانت تلقى محاضرات ودراسات نصوصه وكتاباته في الخفية من قبل مجموعة صغيرة من علماء الكابالا.وكان عالم الكابالا موسى بن ليون هو الذي نشر أول نسخة من كتاب الزوهار في القرن الثالث عشر في إسبانيا .

أما الحقبة أو المرحلة الثانية من نشأة وإنتشار علم الكابالا كانت ذات أهمية خاصة بالنسبة للعلم وبالنسبة لجيلنا نحن، هذه الحقبة هي حقبة تاريخ “الآري”، عالم الكابالا الشهير اسحاق لوريا والملقب “الآري” هو الذي وضع وشرح أسلوب التحويل بين النظريتين اللتين كانتا تتبعا في دراسة علم حكمة الكابالا. فقد ظهرت لغة الكابالا النقية ذات الأسلوب الرفيع والمتقن في كتابات الآري، فهو الذي أعلن وأظهر بداية حقبة تاريخية جديدة حين فتح المجال أمام العامة من الناس لدراسة علم الكابالا والذي كان محصورا قبلا في ضمن البعض من المجموعات القليلة جدا من هؤلاء الذين يستطيعون الدراسة والبحث في هذا العلم الواسع والعميق

لقد ولد عالم الكابالا اسحاق لوريا في مدينة أورشليم في عام ١٥۳٤. توفي والده وهو ما زال طفلا صغيرا فأخذته أمه إلى مصر حيث ترعرع وشب هناك تحت رعاية عمه.كان مكسب رزقه في مصر من عمله في التجارة ولكنه كرس معظم وقته في دراسة علم الكابالا، فكما أخبر وقيل عنه بأنه قد قضى سبع سنين من حياته في عزلة على جزيرة الروضة التي تقع على نهر النيل حيث كان يدرس كتاب الزوهار وكتابات علماء الكابالا الأولين وكتابات عالم الكابالا موسى كوردافارو الملقب “بالراماك” والذي كان من علماء الكابالا اللامعين في جيله وفي عصره.

في سنة ۱٥۷۰ عاد الآري إلى مدينة صفد في إسرائيل. بالرغم من صغر سنه وهو بعد في ريعان شبابه كان يدرس ويلقن علم الكابالا. في مدة قصيرة أدرك الناس الذين كانوا يتلقون العلم على يده مستوى عبقريته وحكمته وحدة ذكائه وقدرته على الإلمام  بكافة مواضيع وشروحات علم الكابالا فدعي بلقب الرجل الحكيم من صفد إذ كان ذو معرفة واسعة وعميقة في علوم الحكمة الخفية والتي أخذت تظهر معرفتها أمام العامة، فأخذ الناس يأتون إليه طالبين العلم والمعرفة وهكذا ذاعت شهرته في العالم.وعلى مدار العام ونصف العام كان تلميذه حاييم فيتال يدون جميع الأسئلة التي كانت تطرح على الآري وكان يدون أجوبتها كما أجاب عليها الآري حرفيا.

قد ترك لنا عالم الكابالا الآري النظام الأساسي في البحث والدراسة في علم الكابالا والذي ما زلنا نستخدمه نحن الآن في يومنا هذا. فمن بعض كتاباته ومدوناته الشهيرة التي تركها لنا كتاب”شجرة الحياة”و”مداخل النوايا”و”مراحل دورة النفس” والكثير أيضا من النصوص والكتابات الأخرى.قد رحل عالم الكابالا الشهير الآري في سنة ۱٥۷۲ وكان ما يزال في أوج شبابه عن عمر يناهز الثامنة والثلاثين.قد سجلت جميع مؤلفاته ومدوناته حسب رغبته وطلبه في المحافظة عليها وعدم إظهارها للعامة قبل حلول الوقت المناسب لنشرها.

لقد قدم عظماء علماء الكابالا نظرية خاصة للدراسة والبحث وقاموا على تعليمها بكافة تفاصيلها وبراعة إتقان أسلوبها ولكنهم علموا بأن أجيالهم لم تكن على مستوى الوعي الكافي والناضج لتقدير قيمة هذه المعرفة الثمينة وفهم مدى فعاليتها وقوتها ولهذا السبب كانوا يلجؤن إلى إخفائها عن العامة وفي الأحيان الكثيرة لجئوا إلى إتلاف الكثير من المدونات والنصوص أيضا، فإننا نعلم أن عالم الكابالا صاحب السلم أحرق وأتلف القسم الكبير من مؤلفاته إذ أنه يوجد هناك سرٌ هامٌ يكمن في واقعية أن المعرفة دونت على الورق ومن ثم أتلفت والسبب في ذلك هو أنه كلما أظهر من الحكمة لهذا العالم المادي يكون ذو تأثير قاسي وبالغ عليه وعلى مستقبله وأنه في حال إظهار هذه الحكمة ثانية في زمان آخر، عملٌ يخفف من حدة وبلاغة تأثيرها السلبي على عالمنا هذا. فإن عالم الكابالا حاييم فيتال أمر بإخفاء ودفن جزء كبير من مدونات وكتابات الآري، وقد أوثق جزءٌ منها ليد إبنه والذي أعاد ترتيب هذه المدونات المشهورة تحت عنوان “البوابات الثمانية”، وبعدها بفترة طويلة نقب حفيد حاييم فيتال بصحبة مجموعة من تلاميذه جزء آخرا من كتابات ومدونات الآري التي كانت مدفونة سابقا.

شاعت دراسة كتاب الزوهار ضمن المجموعات الصغيرة بشكل مفتوح في أيام عالم الكابالا الآري وإزدهرت وإنتشرت المعرفة لمدة مئتي عام بعد رحيله. الحقبة التاريخية العظيمة لدراسة منشورات الزوهار كانت من عام ۱۷٥۰ وحتى نهاية القرن التاسع عشر حيث وجد الكثير من الباحثين والمعلمين لعلم الكابالا في العالم وخاصة في بولندا وروسيا والمغرب والعراق واليمن والعديد من البلدان في العالم، ولكن بعد ذلك وفي بداية القرن العشرين بدأ إهتمام الناس يتضاءل للمعرفة حتى تلاشى هذا الإهتمام تماما.

أما المرحلة الثالثة لنمو علم الكابالا كانت قد إحتوت على نظرية إضافية وأسلوب تعاليم الآري إذ كانت قد كتبت في عصرنا نحن من قبل عالم الكابالا يهودا أشلاغ والذي ألف كتاب الشرح السلمي  لكتاب الزوهار ولتعاليم الآري إذ أن النظرية التي وضعها كانت بأجزائها وتفاصيلها الدقيقة المناسبة والمتماشية مع النفوس المتواجدة في جيلنا نحن. ولد عالم الكابالا يهودا أشلاغ والمعروف بلقب صاحب السلم لتأليفه كتاب”الشرح السلمي لكتاب الزوهار” في مدينة لوتز في بولندا، وتلقى معرفة القانون منذ شبابه  ودرس في كلية الحقوق وأبدع في مهنته في ممارسة المحاماة ومن ثم تابع طريقه في الدراسة والعمل إلى أن أصبح قاضيا في مدينة وارسو. في عام ۱٩۲۱ هاجر من وارسو إلى إسرائيل مع عائلته وبالرغم من عمله في مجال القانون كان يدرس باحثا في علم الكابالا وفي كتابات عالم الكابالا الآري وكان منكبا على كتابة مبادئ وتفسيرات مواضيع الكابالا قبل أن بدأ في كتابة شروحات كتاب الزوهار في عام ۱٩٤٣.وبعد سنة واحدة من إنتهائه من الكتابة لشروحات كتاب الزوهار في عام ۱۹٥٣ توفي صاحب السلم ودفن في مدينة أورشليم.

أتى بعده عالم الكابالا باروخ شالوم أشلاغ والملقب”بالراباش”وهو الإبن البكر لصاحب السلم. كتب الراباش جميع مقالاته وكتبه توافقا مع تعليمات وتوجيهات صاحب السلم وذلك لهدف المحافظة على أصالة المعلومات مستخدما أسلوبا راقيا وتفصيليا باذلا غاية الجهد في الشرح والتوسيع المفصل لكتابات صاحب السلم مقدما أسلوبا بارعا من ناحية سلاسة الأسلوب لمساعدة القارئ على فهم المقالات وشروحات كافة المواضيع التي كتبها صاحب السلم محافظا على نقاوة اللغة وطهارة المعاني في النصوص التي كتبت بالتحديد بلغة وأسلوب متناسب مع مستوى الوعي الموجود في جيلنا نحن لفهم العالم الروحي وإحرازه.

لقد ولد الراباش في مدينة وارسو في عام ۱۹۰٧ وبعدما تزوج قبله والده وضمه إلى المجموعة التي كانت تتألف من عدد قليل من الطلبة المنتخبين بعناية لدراسة علم حكمة الكابالا ومن ثم سمح له بتدريس الطلاب الجدد اللذين كانوا يرغبون في تعلم الكابالا. بعد وفاة أبيه أخذ على عاتقه تعليم علم الكابالا على نمط الأسلوب نفسه والطريقة التي تلقنها هو نفسه. وكوالده من قبله وعلى الرغم من إنجازاته العظيمة وتعليمه ومكانته في المجتمع إذ كان قد عرض عليه مناصبٌ مختلفةٌ إلا أنه أصر على عدم السعي وراء شهوات العالم الفارغة وعلى العيش حياة بسيطة ومتواضعة.ففي حياته عمل في مهنة البناء وككاتب عدل أيضاً.في الظاهر قد عاش الراباش كأي إنسان عادي ولكنه خصص وكرس حياته لدراسة وتعليم علم الحكمة.توفي الراباش في عام ١۹۹١

كان عالم الكابالا يهودا أشلاغ”صاحب السلم “معروفا بجدارته وبقدرته والتي جعلته يرتقي المركز الأول في تعليم الأمور الروحية، وكمعلم أول في جيلنا نحن كان الإنسان الوحيد الذي منح القدرة والفهم والحكمة في هذا الجيل لكتابة شروحات كتاب الزوهار في أسلوب واضح وجلي جامعا كافة المعلومات التي احتوتها المجلدات والمقالات وكتابات الآري.فهذه الكتب وبالإضافة إلى مقالات عالم الكابالا باروخ شالوم أشلاغ “الراباش” هي المصدر الوحيد الذي يمكننا استخدامه والإعتماد عليه في إقتناء المعرفة الحقة. فإن دراسة هذه الكتب والمقالات هي في أهميتها ومضمونها معادلة لدراسة كتاب الزوهار وكتابات الآري في أسلوب مبسط وجلي لمستوانا الفكري ولطبيعة إدراكنا في عصر التقدم والتكنولوجيا المتطورة الذي نعيش فيه. فقد كتبت هذه الشروحات منذ خمسين سنة.فهي تعد حجر الأساس في معرفة علم الكابالا لجيلنا إذ أنها تقدم لنا الفرصة فاتحة المجال أمامنا لدراسة مقالات قديمة كتبت منذ ألفي سنة مضت بأسلوب نتمكن من فهمها وكأنها كتبت بلغة عصرنا واستخدام هذه المعلومات كنقطة إنطلاق في البحث ومعرفة العالم الروحي.

إن طريقة صاحب السلم في الدراسة ملائمة لكل إنسان وإن ترتيب الدرجات والمستويات لهدف إحراز العالم الروحي الذي وضعه لنا وشرحه في كتاباته يؤكد وبوضوح أنه بإستطاعة كل منا دراسة علم الكابالا بلا إستثناء ومن دون أي قلق أو خوف فإن كل إنسان يدرس علم الكابالا. فبإستخدامنا لكتب صاحب السلم في دراساتنا نستطيع أن نصل إلى كيفية معرفة تصحيح”الأنا”لدينا في كافة مراحل تطورها وبشكل كامل.فإن أسلوب وطريقة صاحب السلم مبنية على أساس يتم من خلاله إيقاظ قدرة الإدراك لدى الإنسان ورغبته في فهم العالم الأعلى، فقد منحنا الخالق رغبة عظيمة لمعرفة جذور النفس البشرية والعودة لها لمعرفة هدف حياتنا في هذا العالم وإيجاد الإكتفاء والسعادة الحقيقية.

كان ظهور كل من علماء الكابالا، عالم الكابالا شمعون بن يوخاي “الراشبي” وعالم الكابالا اسحاق لوريا “الآري” وعالم الكابالا يهودا أشلاغ “صاحب السلم” في أجيالهم في الوقت المناسب للبشرية.فبظهور كل منهم في الجيل المعين إنما يشير إلى إستحقاقية ظهور هذه المعرفة والحكمة لأبناء هذا الجيل لذلك أرسلت هذه النفس لتعليم النظرية المناسبة للتصحيح للجيل التي عاشت فيه.فالأجيال تتوالى الواحد تلو الآخر وكلٌ منها على درجة استحقاق أكثر من الجيل الذي سبقه لإكتشاف المعرفة التي يحتوي عليها كتاب الزوهار، فإن كتابات عالم الكابالا شمعون بن يوخاي قد إختفت لفترة من الزمن إلى مجيء عالم الكابالا الآري والذي أخذ في تفسير لغة الكابالا التي إستخدمت آنذاك في الكتابة إلى أسلوب ولغة أكثر سلاسة وبوضوح كاف وهذه الكتابات حفظت أيضا بعيدا عن متناول العامة وأعيد ظهور جزء منها مرة أخرى عندما كان الوقت مناسبا لقبولها وتعليمها للعامة في الجيل التي ظهرت فيه. لقد منح جيلنا نحن الفرصة المثالية بإعطاءنا كافة الوسائل في توفير الفرصة لدراسة علم حكمة الكابالا من خلال النظرية والأسلوب الذي وضعه صاحب السلم للدراسة والبحث والذي بدوره يفتح المجال أمام أي إنسان يرغب في أن يتعلم الكابالا ويقوم بتصحيح نفسه.

نحن نرى أن كتاب الزوهار يتكلم لغة كل جيل ظهرت له هذه المعرفة. ففي كل جيل نجد أن إظهار الوحي كان على مستوى درجة معينة وواضحة وسهلة المنال والفهم مقارنة بمستوى إظهار المعرفة للجيل الذي سبقه، فكل جيل يفتح كتاب الزوهار وينشر معرفته على العامة بطريقة فريدة من نوعها ومتناسبة مع درجة الوعي السائد ومع جذور النفس البشرية لذلك الجيل.ولكن وعلى نفس مستوى الأهمية جرت المحاولة في إخفاء كتابات ومقالات ومدونات علم الكابالا لغرض فتح المجال أمام هؤلاء ممن وجدت لديهم الرغبة في تعلم الحكمة بالبحث عن هذه الكتابات وإكتشافها بأنفسهم .

من الجلي أن علماء الكابالا يعلمون بأن مراحل التغيير تتطلب شرطين أساسيين وهما:الزمان المناسب ومدى نضوج النفس وقدرة إدراكها والآن في زماننا هذا نحن نشهدوا أهم أحداث الإنسانية متمثلة في وعي وتقدم ملحوظ مشيرا إلى عصر جديد في مجال دراسة علم حكمة الكابالا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*